دراسة جديدة تربط الإسهال المزمن بتوازن بكتيريا الأمعاء: اكتشاف قد يساهم في تطوير علاجات إنقاذ الأرواح
ربط باحثون من الدنمارك وإثيوبيا في دراسة حديثة بين الإسهال المزمن ونمط معين من بكتيريا الأمعاء، وهو اكتشاف قد يمهد الطريق لعلاجات جديدة قد تنقذ الأرواح.
تعتبر الأمعاء موطناً للبكتيريا التي تلعب دوراً أساسياً في تدريب أنظمتنا المناعية وتحويل الأطعمة إلى مركبات مفيدة، بالإضافة إلى إنتاج بعض الفيتامينات. وقد يرتبط اختلال التوازن في ميكروبيوم الأمعاء بعدد من الأمراض، مثل السمنة والسكري والإسهال.
يعد الإسهال الحاد والمزمن مشكلة صحية واسعة الانتشار بين الأطفال في البلدان النامية، ويتسبب في وفاة حوالي نصف مليون طفل دون سن الخامسة سنوياً. بينما يختفي الإسهال الحاد عادة من تلقاء نفسه ويمكن علاجه بالمضادات الحيوية، فإن تطوره إلى شكل مزمن قد يؤدي إلى آثار صحية خطيرة على الأطفال، مثل التأخر في النمو وزيادة صعوبة العلاج. وقد ظل سبب الإسهال المزمن غير واضح حتى الآن.
وفي هذا السياق، قال دينيس ساندريس نيلسن، أستاذ علوم الأغذية في جامعة كوبنهاغن: “يمكن أن يكون الإسهال المستمر مزعجاً للغاية لدى البالغين، لكنه نادراً ما يشكل تهديداً للحياة. أما بالنسبة للأطفال، فقد تكون له عواقب تمتد طوال حياتهم”.
وفي دراسة جديدة نشرت في مجلة “نيتشر كومينكيشنز” في سبتمبر/أيلول الماضي، قام نيلسن وزميله الإثيوبي جيتنت تيسفو بتحديد خريطة ميكروبيوم الأمعاء لأكثر من 1300 طفل دون سن الخامسة في إثيوبيا. وكان الاستنتاج الرئيسي للدراسة أن الأطفال الذين يعانون من الإسهال المزمن أو المستمر يظهرون تنوعاً بكتيرياً أقل بشكل كبير مقارنة بالأطفال الأصحاء.
وأوضح تيسفو، طالب الدكتوراه الذي سيناقش أطروحته قريباً، قائلاً: “تظهر نتائجنا وجود علاقة واضحة بين تركيبة بكتيريا الأمعاء ومدة الإسهال. فالأطفال الذين يعانون من الإسهال المزمن لا يعانون فقط من زيادة البكتيريا الضارة، بل يعانون أيضاً من انخفاض كبير في عدد البكتيريا المفيدة”.
استخدم الباحثون تسلسل الحمض النووي لتحليل عينات البراز وتحديد أنواع البكتيريا المفيدة والضارة. وأظهرت النتائج أن الأطفال الذين يعانون من الإسهال المزمن لديهم زيادة في البكتيريا الضارة، في حين أن عدد البكتيريا المفيدة كان منخفضاً بشكل كبير. كما كشفت الدراسة أن الأطفال الذين يعانون من الإسهال المزمن يفتقرون إلى البكتيريا التي تنتج الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، والتي تلعب دوراً أساسياً في صحة الأمعاء.
يشير نيلسن إلى أن الإسهال المزمن قد يتطور عندما تفقد الأمعاء البكتيريا المفيدة المنتجة للأحماض الدهنية قصيرة السلسلة، مما يعيق قدرة الأمعاء على التعافي بعد العلاج بالمضادات الحيوية للإسهال الحاد. ورغم أن المضادات الحيوية قد تكون ضرورية لعلاج الإسهال الحاد، إلا أنها تقتل أيضاً البكتيريا المفيدة، مما يؤدي إلى حلقة مفرغة تجعل الإسهال المزمن أكثر صعوبة في العلاج.
من جهة أخرى، يعتقد الباحثون أن النظام الغذائي المناسب يمكن أن يكون حلاً رئيسياً لاستعادة ميكروبيوم الأمعاء لدى الأطفال المصابين بالإسهال المزمن. وقد أشار تيسفو إلى أن هذا النظام الغذائي يجب أن يكون مألوفاً للسكان المحليين وسهل الوصول إليه. وقد تركزت الأبحاث على حبوب “التيف” في إثيوبيا، التي تعد غنية بالعناصر الغذائية والألياف، ويعتقد الباحثون أنها قد تعمل كمكمل غذائي يساعد في الحد من الإسهال المزمن.