التوأم الرقمي: تقنية مبتكرة تفتح آفاقًا جديدة في مختلف القطاعات
في السنوات الأخيرة، أصبح مصطلح “التوأم الرقمي” أحد أبرز المفاهيم في تقنيات الواقع الافتراضي المستقبلية، حيث يعزز من كفاءة التطبيقات واستخداماتها في العديد من المجالات. رغم أن التقنيات الحديثة في الواقع الافتراضي شهدت بعض التراجع، حيث اقتصرت في الغالب على نظارات وخوذ الواقع الافتراضي، إلا أن مفهوم “التوأم الرقمي” قد ازدهر في عدة قطاعات، خاصة في الصناعة والنقل.
ما هو التوأم الرقمي؟ يتمثل مفهوم “التوأم الرقمي” في إنشاء نسخ رقمية مطابقة تمامًا للأشياء أو الكائنات الموجودة في العالم الواقعي. لكن بدلًا من أن تكون هذه النسخ فيزيائية، فهي تمثل تمثيلًا رقميًا في البيئة الافتراضية. هذه النسخ الرقمية، التي تتسم بالدقة العالية في التفاصيل، تحاكي جميع خصائص الكائنات الحقيقية مثل الخيول، الطائرات، المباني، وحتى الكائنات الحية الأخرى.
ولتكون النسخة الرقمية متوافقة تمامًا مع النسخة الحقيقية، يتم استخدام تقنيات متطورة لتحديث البيانات بشكل مستمر من خلال مستشعرات مخصصة، تراقب التغيرات في البيئة الفيزيائية للكائنات أو الهياكل. كما تتجاوز هذه التقنيات الحدود الفيزيائية لتشمل الجوانب العاطفية والعقلية للكائنات الحية، مما يتيح محاكاة تصرفات البشر في ظروف بيئية مختلفة.
أنواع التوأم الرقمي تتمثل تقنية “التوأم الرقمي” في عدة أنواع حسب المصدر أو الكائن الذي يحاكيه. ومن أبرز هذه الأنواع:
- توأم المنتجات الرقمي: يتم إنشاء نسخة رقمية لمنتج ما خلال جميع مراحل تطويره، مما يتيح فحص خصائصه واختبار آليات عمله في بيئات محاكاة قبل التصنيع الفعلي.
- توأم البيانات الرقمي: يرتبط هذا النوع بالبيانات الفعلية ويعتمد على تطبيقات مثل خرائط غوغل، التي تستخدم الأقمار الصناعية لتحديث المعلومات المتعلقة بالشوارع وحركة المرور.
- توأم الأنظمة الرقمي: يمزج بين المنتجات الفيزيائية والبيانات الرقمية لتطوير وتحسين الأنظمة والعمليات بشكل متكامل.
- التوأم الحي: يمثل النسخة الرقمية للكائنات الحية، مما يساعد في محاكاة وظائفها واستجابتها في بيئات متعددة.
استخدامات تقنية التوأم الرقمي بحسب دراسة أجرتها شركة “ماكينزي” للتحليلات، يُتوقع أن تصل قيمة قطاع “التوأم الرقمي” إلى 73.5 مليار دولار بحلول عام 2027، مع استثمار 70% من المديرين التنفيذيين في الشركات التكنولوجية في هذه التقنية.
تتنوع استخدامات “التوأم الرقمي” بشكل واسع بين القطاعات، منها:
- القطاع الصناعي والإنتاج: يمكن استخدام التوأم الرقمي لمحاكاة المنتجات في مراحل تطويرها لتحديد العوائق وتحسين جودة الإنتاج.
- سلاسل التوريد: عبر المحاكاة الرقمية، يمكن تحديد نقاط الضعف في سلاسل التوريد والعمل على تحسينها.
- التجارة الإلكترونية: يتم إنشاء محاكاة للمتاجر في الفضاء الافتراضي، مما يسمح بتقديم خدمات تسويقية موجهة بشكل أكثر دقة.
التوأم الرقمي في القطاع الطبي يعد القطاع الطبي من أبرز المستفيدين من هذه التقنية، حيث توفر بيئة محاكاة دقيقة للحالات المرضية، مما يسهل تشخيصها دون الحاجة للحضور الفعلي. كما يمكن استخدامها لاختبار العلاجات والعمليات الجراحية على النسخ الرقمية للأشخاص، مما يقلل من الحاجة إلى التجارب على الحيوانات ويُسهم في تطوير منتجات طبية أكثر أمانًا.
أمثلة حية على استخدام التوأم الرقمي رغم أن مفهوم “التوأم الرقمي” يبدو مستقبليًا، فإن العديد من الشركات قد بدأت في استخدام هذه التقنية بالفعل. على سبيل المثال:
- خرائط غوغل: تعد مثالًا حيًا على تطبيق تقنية التوأم الرقمي في الحياة اليومية من خلال تحديث بيانات الطرق وحركة المرور.
- شركة نيوزيلاند لصناعة السفن: استخدمت التوأم الرقمي لاختبار القوارب في ظروف بيئية مختلفة قبل صناعتها.
- ملعب سوفي (SoFi): استخدم المحاكاة الرقمية لتحليل حركة المشجعين في المباريات وتحسين تصميم الملعب.
- شركة سبيس إكس: تعتمد على التوأم الرقمي في محاكاة ظروف الفضاء والتأكد من سلامة المركبات والرواد.
مستقبل التوأم الرقمي من المتوقع أن يشهد المستقبل القريب زيادة في الاعتماد على تقنيات “التوأم الرقمي” بفضل تطور الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي، مما سيسهم في تحسين الأداء والكفاءة في العديد من القطاعات الصناعية والتجارية والطبية.