التحديات القانونية والتكنولوجية في مواجهة التزييف العميق: كيفية تعامل الشركات الكبرى مع المحتوى غير المقبول
التزييف العميق: بين الابتكار التكنولوجي والتحديات الأخلاقية والقانونية
في سعيها المستمر وراء الابتكار التكنولوجي، قامت مؤسسات داعمة للذكاء الاصطناعي التوليدي بتطوير أدوات لتوليد تزييف عميق (deepfake) غير قانوني، وهو ما جعل هذه التكنولوجيا في متناول يد الأفراد العاديين. وقد انتشرت مؤخراً صور مشوهة وغير أخلاقية لشخصيات عامة، تم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي، لتصبح مواد رائجة على منصات الإنترنت، مثل الشريط الجانبي للمواقع الشهيرة ومنشورات فيسبوك.
لقد تسربت هذه الظاهرة إلى حياة المستخدمين اليومية، بما في ذلك فئة الشباب، حيث أصبح المسؤولون عن تطوير وتوزيع الذكاء الاصطناعي جزءًا من هذه المشكلة. وفي مواجهة هذا التحدي، يتخذ قادة الحكومات خطوات تشريعية لمكافحة التزييف العميق، بينما يسعى قطاع التكنولوجيا والمجتمع لتحقيق توازن بين الحاجة للابتكار ومسؤوليات حماية المستخدمين. لكن لا يزال من الصعب محاربة هذه الظاهرة باستخدام السياسات المؤسسية.
مشكلة التزييف العميق: واقع معقد لا حلول سهلة له
تعد ظاهرة التزييف العميق من القضايا المعقدة التي يصعب كشفها، حيث يتعذر تمييز الصور والمقاطع المزيفة عن الحقيقية. ورغم وجود تعاريف محددة للتزييف العميق، مثل “التوزيع غير المصرح به للصور الحميمية”، والتي تُعتبر خرقًا لحقوق الأفراد، فإن هذه الممارسات يمكن أن تتم باستخدام برامج تحرير صور مثل الفوتوشوب، لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي أصبح له دور بارز في إنشاء هذه الصور المشوهة.
وتتعدد الآراء حول من يتحمل المسؤولية عن انتشار هذه الظاهرة، حيث تسعى المنظمات المعنية بحقوق الإنسان مثل “الحقوق المدنية السيبرانية” إلى مكافحة هذه الممارسات من خلال تفعيل القوانين، ومنع استغلال التكنولوجيا في إنشاء محتوى مسيء أو خداع المستخدمين.
موقف الشركات الكبرى من التزييف العميق
أدت زيادة التطبيقات التكنولوجية للتزييف العميق إلى تداعيات عديدة، حيث تتبنى الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا سياسات مختلفة للتعامل مع هذه الظاهرة:
- آبل: تقوم آبل بمراجعة سياساتها لضمان عدم تداول محتوى فاضح على متجر تطبيقاتها، حيث تمنع بشكل صارم نشر التطبيقات أو المحتوى الذي يروج للمواد الإباحية أو الاعتداء الجنسي. رغم ذلك، لا يزال هناك جدل بشأن دور أجهزة آبل في تسهيل انتشار مثل هذه المواد.
- غوغل: بدورها، تُحارب غوغل التزييف العميق عبر تقليل ظهور المحتوى غير المقبول في نتائج البحث، وضبط إعلاناتها لتجنب الترويج لأي محتوى جنسي أو فاضح يتم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.
- يوتيوب: من جانبها، تفرض يوتيوب رقابة صارمة على مقاطع الفيديو المعدلة باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتعمل على إخفاء أو إزالة المحتوى الذي يحتوي على مشاهد مزيفة قد تضلل المشاهدين.
- مايكروسوفت: تتبع مايكروسوفت سياسة صارمة تمنع استخدام أدواتها لإنشاء أو نشر محتوى ضار مثل الصور الجنسية أو العنف أو المواد المتطرفة.
- أوبن إيه آي: تلتزم “أوبن إيه آي” بسياسات صارمة للحفاظ على الاستخدام الآمن لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث تمنع استخدام منتجاتها في التلاعب بالمحتوى بطريقة قد تضر الأفراد أو تروج للكراهية.
- ميتا: تفرض ميتا سياسة واضحة تحظر استخدام الذكاء الاصطناعي لتعديل أو تزييف محتوى فيسبوك وإنستغرام بشكل قد يضلل الجمهور.
- تيك توك: أطلقت تيك توك سياسة جديدة لوضع علامات على المحتوى الذي يتم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي، وخاصة تلك التي تُظهر شخصيات عامة أو تروج لمنتجات بطريقة قد تكون مضللة.
التحديات المستقبلية
مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي وظهور أدوات تزييف عميق أكثر تطوراً، يواجه العالم تحديات كبيرة في تنظيم هذه الظاهرة ومكافحتها. تتطلب هذه القضية تكاتف الجهات الحكومية والشركات الكبرى لوضع سياسات واضحة وفعّالة، تتماشى مع الابتكار التكنولوجي وتحمي الأفراد من استغلال هذه التقنيات في أغراض غير قانونية.