تقنية

“أوبن إيه آي”: النجاح الكبير تحت تهديد الخسائر المالية وتحديات الاستدامة

تمكنت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) من أن تصبح محور الحديث في مختلف القطاعات، سواء كانت متعلقة بالتقنية أو غيرها، بفضل تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي القادرة على التفاعل المباشر مع المستخدمين والإجابة على استفساراتهم.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي ليس حصراً على “أوبن إيه آي”، فإن نموذج “شات جي بي تي” (ChatGPT) الذي طورته الشركة برز بشكل يصعب منافسته، ليصبح الوجه الأبرز لتقنيات الذكاء الاصطناعي، متفوقاً على العديد من النماذج المنافسة.

جاء نجاح “أوبن إيه آي” واضحاً من خلال الاستثمارات التي استطاعت جذبها، لاسيما من شركة “مايكروسوفت”، بالإضافة إلى ملايين المستخدمين الذين يلجأون إلى خدماتها يومياً، مما دفع الشركة إلى تبني أنظمة قوائم الانتظار لتنظيم عملية الوصول إلى التقنية، مما عزز من انتشارها وشعبيتها.

لكن هذا النجاح الكبير على مستوى الجمهور لا يعكس بالضرورة نجاحاً تجارياً بنفس الحجم، حيث ظهرت تقارير تشير إلى احتمالية إفلاس الشركة خلال الأشهر القادمة بسبب التكاليف التشغيلية المرتفعة.

تكاليف تشغيل مرتفعة

تقدر تكلفة تشغيل خدمات “شات جي بي تي” يومياً بحوالي 700 ألف دولار، وفق تقرير نشرته منصة “تيكنيكست” (Technext) العام الماضي. وتعكس هذه التكلفة الضخمة واقع قطاع الذكاء الاصطناعي الذي يحتاج حالياً إلى استثمارات ضخمة.

ووفق تقرير شركة “نبيولي” (Nebuly)، تُوزع تكاليف التشغيل على عدة قطاعات، بما في ذلك البحث والتطوير، توليد الصور من الأوامر النصية، ومساحات التخزين، ولكن النسبة الأكبر من الإنفاق اليومي تُخصص لتوليد النصوص، حيث تمثل حوالي 65% من التكاليف، بما يزيد عن 450 ألف دولار يومياً.

تكاليف بناء مراكز البيانات

إلى جانب تكاليف التشغيل، تواجه “أوبن إيه آي” تحديات مالية أخرى تتعلق ببناء مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي. وفقاً لتصريحات بريان فينتورو، المدير التنفيذي لشركة “كورويفز” (CoreWeave)، تحتاج هذه المراكز إلى آلاف بطاقات الذكاء الاصطناعي من “إنفيديا”، حيث تبلغ تكلفة بناء مركز يتكون من 32 ألف بطاقة نحو 960 مليون دولار، بدون حساب تكاليف البنية التحتية والقطع الأخرى.

الحاجة المستمرة للتمويل

تستمر “أوبن إيه آي” في البحث عن التمويل لمواصلة عملياتها، حيث جمعت أكثر من 11 مليار دولار عبر عدة جولات تمويلية منذ تأسيسها في 2015، بفضل دعم كبير من “مايكروسوفت”. ومع ذلك، تظل تكاليف التشغيل مرتفعة مما يثير القلق بشأن استدامة هذه الاستثمارات.

خسائر محتملة

تواجه “أوبن إيه آي” احتمالية خسائر تتجاوز 5 مليارات دولار بحلول نهاية العام المالي 2024، نتيجة التكاليف التشغيلية والتوسع المستمر في خدماتها، وفقاً لتقرير من موقع “مانش” (Munch).

تحديات وأفق المستقبل

بالرغم من أن الشركة تقدم خدمات مدفوعة للأفراد والشركات، إلا أن هذه الإيرادات قد لا تكون كافية لتغطية الخسائر المحتملة. وتسعى “أوبن إيه آي” إلى إيجاد حلول مبتكرة، من خلال التعاقد مع “آبل” لتقديم خدماتها عبر هواتف “آيفون”، وتطوير محرك بحث خاص بها.

ومع كل هذه التحديات، يبقى السؤال: هل تنجح “أوبن إيه آي” في تجاوز أزمتها المالية والحفاظ على مكانتها الرائدة في عالم الذكاء الاصطناعي، أم ستتلاشى كما فعلت العديد من الشركات الناشئة من قبل؟

زر الذهاب إلى الأعلى