الكتّاب العرب والنشر خارج بلدانهم: أفق أوسع وواقع صعب
نشر الكاتب العراقي خزعل الماجدي حتى اليوم 114 كتابًا، منها أربعة فقط نُشرت في العراق خلال ثمانينيات القرن الماضي. وقد تحقق لكتبه الإبداعية والفكرية في الأديان والأساطير انتشار واسع في الوطن العربي بفضل نشرها خارج بلاده. الماجدي يؤمن بأن على كل كاتب عربي أن ينشر أعماله خارج بلاده، نظرًا لأن أفق العالم العربي أوسع من أي بلد محلي، خاصةً بعد ظهور الإنترنت ووسائل التواصل الرقمية.
الهجرة إلى النشر الخارجي
يعتبر الماجدي جزءًا من الاتجاه المتزايد للكتّاب العرب الذين يفضلون النشر خارج بلدانهم، وهي ظاهرة تزايدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، يمكن وصفها بـ “الهجرة الجماعية” للكتب. هذه الهجرة قد تحققت بفضل دور النشر المستقلة التي تعمل على تحسين جودة الطباعة والتوزيع والتسويق، مستفيدة من التقدم التكنولوجي ووسائل الإعلام الرقمية.
الأسباب والدوافع
يقول الماجدي للجزيرة نت إن السبب الأساسي لهذا التوجه هو “زهد أهل البلاد بكتابهم وعدم اهتمامهم بهم، بينما يستقبلون باهتمام شهرة الكتاب عندما تأتي من خارج البلاد”. يضرب الماجدي مثالًا بالشاعر العراقي بدر شاكر السياب، الذي حقق شهرة واسعة بعد نشر مجموعته الشعرية “أنشودة المطر” في بيروت، ما جعله معروفًا في كل مكان، بما في ذلك بلده العراق.
الواقع الصعب للكتّاب
الكاتب المغربي حسن المودن يشير إلى أن الوضعية الحالية للكتّاب العرب مأساوية، حيث يواجهون صعوبات في العثور على ناشر وقد يضطرون لطبع كتبهم على حسابهم الخاص. ويضيف أن الكثير من الكتّاب يتحولون إلى توزيع كتبهم بأنفسهم، مما يجعل من الصعب عليهم العيش من الكتابة والتأليف. تجربته الشخصية تتضمن نشر كتابه الأول في مصر، مما فتح له أبواب الشهرة والتوزيع العربي والدولي.
الهجرة إلى الخارج
تشير دراسات حديثة، بما في ذلك دراسة لاتحاد الناشرين العرب، إلى تزايد النشر باللغة العربية خارج المنطقة العربية في السنوات الأخيرة، مع تركيز على نجاح دور نشر مثل “دار المتوسط” في إيطاليا، التي ساهمت في ترجمة الأدب العربي إلى لغات أجنبية. كما تسلط الدراسة الضوء على هجرة الكتاب اليمنيين إلى مصر، حيث برزت “دار أروقة” بالقاهرة، وكذلك تأثير النشر في أوروبا ومصر والأردن على الكتاب المغاربيين.
تحديات النشر
يواجه الناشرون العرب تحديات كبيرة بعد أزمة كورونا، بما في ذلك الركود الاقتصادي وتأثير الشركات الدولية على صناعة النشر. تساهم هذه العوامل في تعقيد عملية النشر والتوزيع.
أهمية الجدية والحرفية
من جانبها، تعتبر “دار العين للنشر” المصرية أن جدية وحرفية الدار في التعامل مع الكتاب العربي والمغاربي وتسويقه تجعلها مفضلة لدى الكتاب. الدار تسعى أيضًا لترويج كتبها في المعارض الثقافية وتقديم الدعم لكتّابها، مما يعزز من سمعتها وثقة الكتاب بها.
الرقابة على الكتب
بعض الكتّاب، مثل المصري إبراهيم عبد المجيد، يواجهون صعوبات في نشر أعمالهم بسبب الرقابة على الكتب. يفضل بعضهم نشر أعمالهم في دور نشر خارج بلدانهم لتجنب القيود المفروضة.
الدعم وتأثيره
في المغرب، يشير الكاتب حسن المودن إلى أن الدعم المخصص للكتاب لا يستفيد منه الكتّاب بشكل مباشر، ويؤثر سلبًا على مبيعات الكتب. الشاعر نزار كربوط يضيف أن الدعم الحكومي قد “أفسد النشر” بدلاً من تحسينه. بينما يشدد على أهمية تقديم دعم مباشر للكتّاب مثل منح الإقامات الأدبية وشراء حقوق الترجمة، بدلاً من دعم دور النشر فقط.
الخلاصة
إن تزايد الإقبال على النشر خارج البلدان العربية يعكس تحديات كبيرة في واقع النشر العربي، من رقابة إلى أزمة اقتصادية. بينما توفر دور النشر الخارجية للكتّاب فرصًا أفضل للتوزيع والشهرة، فإن الوضع في الداخل يحتاج إلى إصلاحات جذرية لدعم الكتاب بشكل أكثر فعالية.