تقدم علمي في علاج الأمراض الرئوية: حبر بيولوجي مبتكر لطباعة نسيج الرئة ثلاثي الأبعاد
تُعد الأمراض الرئوية من الأسباب الرئيسية للوفاة حول العالم، حيث تقتل ملايين الأشخاص سنويًا. ومع محدودية خيارات العلاج ونقص نماذج الحيوانات الملائمة لدراسة هذه الأمراض، يسعى العلماء لإيجاد طرق جديدة لتحسين البحث والعلاج. وفي خطوة بارزة، كشف باحثون في مجلة “إيه سي إس للمواد الحيوية التطبيقية” في 12 يوليو/تموز عن نجاحهم في تطوير حبر بيولوجي يعتمد على المخاط لطباعة نسيج الرئة ثلاثي الأبعاد، وهو تقدم قد يحدث تحولًا في دراسة وعلاج الحالات الرئوية المزمنة.
التحديات في معالجة الأمراض الرئوية
بينما يخضع بعض مرضى الأمراض الرئوية لعمليات زراعة، فإن هناك نقصًا حادًا في الأعضاء المتبرع بها. وبدلاً من ذلك، تُستخدم الأدوية والعلاجات لإدارة الأعراض، لكن لا يوجد علاج شافٍ لاضطرابات مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن والتليف الكيسي.
تسعى الأبحاث إلى إيجاد أدوية أكثر فعالية، وغالبًا ما تعتمد على نماذج حيوانية مثل فئران المختبر. ومع ذلك، قد تكون هذه النماذج غير كافية لالتقاط تعقيدات الأمراض الرئوية البشرية، مما يحد من قدرتها على التنبؤ بفعالية الأدوية الجديدة وسلامتها.
في هذا السياق، يدرس العلماء إمكانية إنتاج نسيج الرئة في المختبر، إما كنموذج دقيق لدراسة الرئتين البشريتين أو كمواد قابلة للاستخدام في عمليات الزرع. وتشمل التقنيات المتطورة الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنشاء هياكل تحاكي الأنسجة البشرية، ولكن تصميم حبر بيولوجي مناسب لا يزال يمثل تحديًا. لمواجهة هذه الصعوبة، قام أشوك رايشور وزملاؤه في قسم هندسة المواد بالمعهد الهندي للعلوم بتطوير حبر بيولوجي جديد، وفقًا لما نُشر في موقع “يوريك أليرت”.
الابتكار في تطوير الحبر البيولوجي
بدأ الفريق البحثي باستخدام الميوسين، أحد مكونات المخاط الذي لم يُستغل بشكل واسع في الطباعة الحيوية. تشبه البنية الجزيئية للميوسين، وهو بوليمر مضاد للبكتيريا، “عامل نمو البشرة” الذي يعزز ارتباط الخلايا ونموها. قام رايشور وفريقه بتفاعل الميوسين مع أنهيدريد الميثاكريليك لتشكيل “الميوسين الميثاكريليت” (MuMA)، الذي خُلط بعد ذلك مع خلايا الرئة.
تمت إضافة حمض الهيالورونيك -وهو بوليمر طبيعي يتواجد في الأنسجة الضامة- لزيادة لزوجة الحبر البيولوجي وتعزيز نمو الخلايا وارتباطها بالميوسين الميثاكريليت. بعد طباعة الحبر في أنماط اختبار مثل الشبكات المستديرة والمربعة، تم تعريضه للضوء الأزرق لربط جزيئات الميوسين الميثاكريليت، مما ساعد على دعم استقرار الهيكل المطبوع في شكل هلام مسامي يمتص الماء بفعالية لدعم بقاء الخلايا.
أظهرت الدراسات أن المسامات المتشابكة في الهلام تسهم في تحسين انتشار العناصر الغذائية والأكسجين، مما يعزز نمو الخلايا وتكوين أنسجة الرئة. كما أظهرت الهياكل المطبوعة أنها غير سامة وتتحلل بيولوجيًا ببطء في الظروف الفسيولوجية، مما يجعلها مناسبة كغرسات يتم استبدالها تدريجيًا بأنسجة رئة جديدة. يمكن أيضًا استخدام الحبر البيولوجي لإنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد للرئتين لدراسة الأمراض الرئوية وتقييم العلاجات المحتملة.