استطلاعات الرأي تكشف عن توجهات الشارع التركي في الانتخابات المحلية
يستعد 61 مليون ناخب تركي حاليًا للمشاركة في الانتخابات المحلية التي من المقرر إجراؤها يوم غد الأحد، وذلك لاختيار رؤساء البلديات والمناطق والمخاتير للولايات الـ81، في منافسة تشمل 34 حزبًا سياسيًا. ويهدف الرئيس رجب طيب أردوغان، الذي أعلن أن هذه الانتخابات ستكون الأخيرة له، إلى استعادة السيطرة على بلديات رئيسية مثل إسطنبول وأنقرة، التي فقدها حزبه في الانتخابات التي جرت في عام 2019. ومن ناحية أخرى، ترى المعارضة في هذه الانتخابات فرصة لتعزيز مواقعها وتأكيد حضورها، حيث تسعى للحفاظ على قوتها وترسيخ مكانتها استعدادًا للانتخابات الرئاسية المقبلة.
تعتبر استطلاعات الرأي التي تُجرى قبل الانتخابات في تركيا أداة مهمة للأحزاب السياسية والجمهور على حد سواء. فهي تؤثر في قرارات الناخبين وتوجهاتهم، وتوفر للسياسيين معلومات استباقية حول الاتجاهات العامة والتحولات المحتملة في نتائج الانتخابات، مما قد يؤدي إلى تشكيل صفقات وتحالفات جديدة.
من خلال النظر إلى استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز الأبحاث الرائدة في تركيا، والتي كانت توقعاتها للانتخابات السابقة أكثر دقة، يمكن ملاحظة تقارب في أرقام المرشحين، خاصة في مدينة إسطنبول حيث تشهد المنافسة اشتدادًا بين مرشح حزب الشعب الجمهوري، أكرم إمام أوغلو، ومرشح تحالف الشعب، مراد قوروم.
وفيما يتعلق بنتائج استطلاعات الرأي في إسطنبول، فإن متوسط النتائج الخاصة بـ 14 استطلاعًا أجريت في مارس/آذار يظهر تصدر مرشح إمام أوغلو بنسبة 42.8%، متبوعًا بمراد قوروم بنسبة 39.7%. وقد نجح مرشح حزب المساواة الشعبية والديمقراطية الكردي في تأمين المركز الثالث، متفوقًا على توقعات أحزاب أخرى.
وفي مدينة أنقرة، أظهرت النتائج تقدم مرشح حزب الشعب الجمهوري، منصور يافاش، بنسبة 47% وهو يتفوق على مرشح تحالف الشعب، تورغوت ألتينوك، الذي حصل على 37.6%. ومع ذلك، أثارت نتائج مركز “أريا” للاستطلاعات جدلاً، حيث توقعت فوزًا ساحقًا ليافاش بنسبة 60% مقابل 30.5% لألتينوك.
وفي مدينة إزمير، تصدر مرشح الشعب الجمهوري، جميل توغاي، بنسبة 43.8% مقابل 34.9% للمرشح المنافس، وفقًا لمتوسط نتائج 6 مراكز استطلاع في المدينة.
يشير الباحث سراج أوغلو إلى أن توقعات قوية بفوز المعارضة في مدن أنقرة وإزمير تعكس الدعم الكبير والقبول الواسع لـ يافاش، رئيس بلدية أنقرة الحالي، فضلاً عن الوضع الديموغرافي المواتي للمعارضة في إزمير.
ومع ذلك، يشير الباحث إلى أن حصول تحالف الشعب على نسبة تقارب 32% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية السابقة يشير إلى تغير سريع في قناعات الناخبين التركيين، حتى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
تشير نتائج الاستطلاعات إلى تقدم ملحوظ لتحالف الشعب بقيادة حزب العدالة والتنمية الحاكم في “ولايات الزلزال”، وهي كهرمان مرعش وأديامان وإيلازيغ وغازي عنتاب وكيليس وملاطية وعثمانية وشانلي أورفا.
يعكس النقاش الحالي حول مصداقية ودقة الاستطلاعات الانتخابية اهتمامًا متزايدًا بالتصريحات التي تصدرها شركات البحوث قبيل الانتخابات المحلية، وهو ما ينبئ بتحديات متزايدة في تقديم البيانات الموثوقة.
المحلل السياسي بوراك بولوت يؤكد أن كل دورة انتخابية تثير الجدل بشأن مدى مصداقية ودقة الاستطلاعات الرأي، ويحذر من التلاعب المتكرر الذي يمكن أن يؤثر على موثوقية هذه البيانات.
لضمان نزاهة استطلاعات الرأي، يدعو بولوت إلى إنشاء آليات رقابة فعّالة من قبل المجتمع المدني والضغط العام، مشددًا على أهمية الشفافية في عرض منهجيات الاستطلاعات.