رمضان في موريتانيا مضاربات في أسعار الخضار ومعارض لمواجهة الغلاء
غادرت بشرى محمد (37 عاماً) سوق العاصمة المخصص للخضروات والمواد الغذائية بعد فترة تجول دامت ساعات في أروقته وأزقته الضيقة، وذلك بعد أن واجهت صعوبة في إيجاد أسعار مناسبة لميزانيتها المحدودة.
بشرى، التي تعيل أمها وثلاثة أطفال، قررت تأجيل شراء سلة الإفطار إلى اليوم التالي، على أمل أن تتوفر بضائع جديدة في السوق تساعدها في العثور على أسعار مناسبة.
ومع ذلك، يظل من غير المرجح أن تحقق بشرى هدفها قريباً، حيث يواجه زوار السوق لليوم الثاني من شهر رمضان المبارك تحدي ارتفاع الأسعار، مع تسجيل زيادة مفاجئة في تكلفة بعض المواد الأساسية.
يعاني الموريتانيون، مثل بشرى، من ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية، خاصة تلك التي تُستخدم في تحضير وجبات شهر رمضان المعظم، وفقًا لتقارير من متسوقين في سوق المواد الغذائية.
اضطراب الأسعار
بالرغم من وفرة المنتجات الزراعية المحلية التي تتدفق إلى أسواق نواكشوط يومياً، فإن الجهود لم تكن كافية هذا العام للتحكم في أسعار السوق ومنافسة الخضروات المستوردة. مع دخول شهر رمضان المبارك، شهدنا قفزات كبيرة في الأسعار، حيث ارتفع سعر الطماطم المستوردة من المغرب بالجملة من 300 أوقية (أقل من دولار) للكيلو إلى 700 أوقية (دولارين)، وارتفع سعر الطماطم المحلية من 200 (0.5 دولار) إلى 500 أوقية (1.5 دولار)، بينما ارتفع سعر الفلفل من 700 أوقية (دولارين) إلى 1500 أوقية (3.5 دولارات)، مع ارتفاع يصل إلى حوالي 30% في باقي الخضروات.
تقلصت واردات الخضروات والفواكه من المغرب بشكل كبير، مما أدى إلى زيادة الأسعار هذا العام. تشهد الأسواق الموريتانية نقصًا ملحوظًا في بعض المواد الزراعية بعد تراجع الإمدادات الخارجية، نتيجة رفع السلطات الرسوم الجمركية على الشاحنات المغربية، وهو دعم للمنتج المحلي الذي وصل إلى أعلى مستوياته هذا العام.
عبد الله سيدي، تاجر في سوق الخضار، يعتبر أن قرار رفع الرسوم الجمركية على الخضروات المستوردة غير صائب، مما تسبب في اضطرابات حادة في الأسعار. ويتوقع أن تستمر أسعار الخضروات على هذا النحو حتى نهاية العشر الأوائل من رمضان.
من جهته، يفضل معظم المستهلكين المواد المستوردة، خاصة الطماطم والجزر، لأنها تحافظ على جودتها لفترة أطول. بينما يرى التاجر أحمدو عبدو، صاحب محل التجزئة، أن سبب ارتفاع الأسعار يعود في الأساس إلى الاحتكار والمضاربة بين التجار وغياب الرقابة.
معارض لمواجهة الغلاء
في اليوم الثاني من شهر رمضان المبارك، يتوافد سكان نواكشوط على معرض رمضاني خاص بالمنتجات الزراعية المحلية، حيث يقصدون لشراء حاجياتهم من الخضروات بأسعار مخفضة. يظل المعرض مكتظًا بالزوار من السادسة صباحًا حتى الواحدة مساءً.
يشير خطاري أحمدو، المشرف على المعرض الذي نظمته شركة محلية بالتعاون مع وزارة الزراعة، إلى أن الإقبال حتى الآن تجاوز طاقة العمل، حيث يهدف المعرض إلى تعريف المواطنين بالمنتجات المحلية وتشجيعهم على دعمها وشرائها للمنافسة مع المنتجات المستوردة وتخفيض الأسعار.
ويوضح خطاري أن الشركة التي يعمل بها لديها الآن ما يزيد عن ألفي هكتار مزروعة من الخضروات، وتزوّد السوق يوميًا بحوالي 40 طنًا من الطماطم و40 طنًا من البطاطس، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الخضراوات الأخرى. ويؤكد أن هذه الكميات ستستمر في التوفر، مما يضمن تموين سوق نواكشوط بالخضروات خلال شهر رمضان المبارك وما بعده.
جهود رسمية
في اليوم الأول من شهر رمضان، قامت الحكومة الموريتانية بتنفيذ عدة إجراءات لضمان تموين السوق وثبات الأسعار، من خلال مكافحة التلاعب والاحتكار وإقامة نقاط بيع للمواد الغذائية المدعومة.
تم إطلاق جهود الدعم الرمضاني من قِبَل الحكومة لدعم المواد الغذائية الأساسية، وتنظيم التوزيع المجاني والبيع المدعوم للسمك، بالإضافة إلى توزيع المواد الغذائية مجاناً لصالح الفئات ذات الدخل المحدود، وتنظيم وجبات إفطار للصائمين في المساجد والمحاضر.
ومع ذلك، يبدي العديد من المواطنين قلقهم من احتمالية تعثر تزويد السوق بالخضروات خلال شهر رمضان المبارك، الذي يعد فترة ذروة للاستهلاك في البلاد الإسلامية، خاصة في ظل نقص الواردات نتيجة رفع الرسوم الجمركية وضعف المنتج المحلي، بالإضافة إلى غياب التنسيق والرقابة.