فولكس فاغن سيارة الشعب التي أوصى هتلر بصُنعها
تحتل فولكس فاغن، المعروفة باسم “سيارة الشعب” الألمانية، المرتبة الثانية بين كبريات شركات صناعة السيارات في العالم، وتمتلك مكانة متميزة كعلامة تجارية ذات تاريخ طويل وتراث قوي في عالم صناعة السيارات. يعود إرثها الغني في الإنتاج إلى الأيقونة الشهيرة “الخنفساء” ويمتد إلى تشكيلة سياراتها الحديثة المتطورة.
نشأت شركة فولكس فاغن على يد الزعيم النازي أدولف هتلر، خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، مع رؤية لإنتاج سيارة بسيطة وبأسعار معقولة. كان سعر السيارة الأولى من نوعها يبلغ 140 دولار أمريكي، وكانت تتسع لشخصين بالغين وثلاثة أطفال.
تمت ولادة فكرة هذه السيارة في عام 1937 في مدينة فولفسبورغ شمال ألمانيا تحت إشراف الحكومة، وذلك بهدف توفير سيارات بأسعار ميسورة لجميع فئات المجتمع، في وقت كانت فيه أوروبا تشهد تحولات هامة. أصبحت هذه السيارة رمزاً للصمود والإبداع الألماني، وقامت شركة فولكس فاغن بالنهوض لتصبح واحدة من أبرز شركات صناعة السيارات في العالم.
بدأت الشركة بإدارتها من قبل جبهة العمل الألمانية – وهي منظمة نازية – وكانت قد تعاقدت مع المهندس النمساوي فرديناند بورشه، الذي صمم السيارة الأصلية، ليبدأ العمل على إنشاء مصنع جديد في ولاية ساكسونيا السفلى في عام 1938.
يعبر اسم السيارة، “فولكس فاغن”، عن الفلسفة التي كان ينادي بها هتلر في ذلك الوقت، حيث تُعنى كلمة “فولكس” بالألمانية “الشعب”، وكلمة “فاغن” تعني “سيارة”، لتُسمى بذلك “سيارة الشعب”.
رأى هتلر أن إنتاج سيارة بسعر ميسور يمكن أن يمتلكها أي مواطن ألماني كان جزءًا مهمًا من الدعاية له ولنظامه. ولذلك، طلب هتلر بنفسه بشكل رسمي في عام 1938 من المهندس فرديناند بورشه – الذي أسس بعد ذلك شركة باسمه – أن يُعد تصميمًا للسيارة. وفي 24 مايو/أيار من نفس العام، وضع هتلر حجر الأساس للمصنع الذي سينتج هذه السيارة.
عندما اكتمل بناء مصنع فولكس فاغن في عام 1939، اندلعت الحرب العالمية الثانية، مما دفع المصنع إلى تحويل إنتاجه إلى معدات ومركبات عسكرية. وبسبب هذا التحول، تعرض المصنع للقصف من قِبل طائرات الحلفاء، وفي نهاية الحرب دُمر بشكل شبه كامل.
بعد انتهاء الحرب في عام 1945، وبفوز الحلفاء، أصبحت بريطانيا مسؤولة عن المصنع الواقع في مدينة فولفسبورغ.
قدمت بريطانيا المصنع مجانًا لشركة فورد الأمريكية، ولكن تم رفض العرض، كما رُفضته شركات السيارات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والأسترالية، التي اعتبرته مجرد “خردة حرب” لا تمتلك قيمة.
لكن بريطانيا لم تستسلم، وبدأت في إعادة بناء المصنع وتطوير سيارة “الخنفساء” الشهيرة. ومع مرور الوقت، تحولت “فولكس فاغن” من “خردة حرب” إلى إمبراطورية عالمية، وأصبحت واحدة من أبرز شركات صناعة السيارات في العالم.
تم نقل ملكية الشركة إلى حكومة ألمانيا الغربية في عام 1949، وأصبحت تابعة لولاية ساكسونيا السفلى. بدأت الحكومة في تصحيح أوضاع الشركة وإعادة إحيائها.
أُعجبت السوق الأمريكية بشدة بسيارات فولكس فاغن، وتم بيع أول سيارتين منها في الولايات المتحدة. وبسبب شعبية هذه السيارات، أصبحت فولكس فاغن هي الخيار الأساسي لأكثر من نصف سوق السيارات في الولايات المتحدة.
بسرعة كبيرة، خرجت فولكس فاغن من آثار الحرب العالمية الثانية وأصبحت أقوى من ذي قبل، وبدأت رحلتها نحو التعافي والتوسع، حيث احتلت جزءًا كبيرًا من سوق السيارات العالمية، خاصة في الولايات المتحدة خلال ستينيات القرن العشرين.
في عام 1959، افتتحت فولكس فاغن مصنعًا جديدًا بالقرب من ساو باولو في البرازيل، وكانت هذه الخطوة الأولى للشركة في التصنيع خارج ألمانيا. ومع بداية الستينيات من القرن العشرين، تحولت الشركة إلى شركة مساهمة.
في ذلك الوقت، أصبحت “الخنفساء” واحدة من أشهر السيارات في العالم وأكثرها مبيعًا، حيث تجاوزت مبيعاتها 21 مليون سيارة، وأصبحت رمزًا لألمانيا وثقافتها ونمط حياتها لجيل بأكمله.
تألقت فولكس فاغن وتحولت من شركة عادية إلى إمبراطورية سيارات عالمية، وبدأت هذه التوسعات من خلال الاستحواذ على شركات السيارات العالمية مثل شركة أوتو يونيون، التي تحولت فيما بعد إلى “أودي” في عام 1965. كما اشترت 75% من أسهم شركة سيات الإسبانية في عام 1986، ثم استحوذت عليها بالكامل بعد 4 سنوات.
بعد ذلك، ضمت فولكس فاغن تحت مظلتها 12 علامة تجارية، وتجاوزت مبيعاتها خلال النصف الأول من عام 2016 شركة تويوتا اليابانية وجنرال موتورز الأميركية، لتحتل المركز الأول عالميًا. وظلت فولكس فاغن حائزة على لقب أكبر مصنع سيارات في العالم منذ عام 2016 وحتى عام 2019.