إسرائيل أمام العدل الدولية كيف صارت الجريمة أكثر وضوحا؟
في ديسمبر 2023، شهدت محكمة العدل الدولية لحظة تاريخية ربما تكون الأكثر أهمية في تاريخها، حيث تقدمت جنوب أفريقيا بدعوى ضد إسرائيل أمام المحكمة، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
هذه الدعوى أظهرت حجم الانقسام الدولي حيال إسرائيل وأثارت نقاشًا عميقًا حول تجذر مفاعيل السياسة في القضاء الدولي.
تجاهل إسرائيل للإبادة الجماعية كان محط اهتمام خاص، حيث استشهد رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل بتاريخ الهولوكوست في خطابه عام 1941 لتحذير من الانتهاكات النازية ضد الأقليات، خاصة اليهود. وقد أسهمت أفعال ألمانيا النازية في ترسيخ مفهوم الإبادة الجماعية، وقد صاغ المحامي اليهودي رافائيل ليمكين مصطلح “الإبادة الجماعية” في العام 1944 لوصف هذه الجريمة.
عام 1950، صدّقت إسرائيل على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وسنت قانونًا يعاقب على هذه الجريمة بالإعدام. وعلى الرغم من ذلك، كشفت حرب غزة عام 2023 عن فشل التزام الجماعة الدولية بعدم تكرار مثل تلك الجرائم، مما يعزز ضرورة إعادة النظر في التزامات الدول بمواجهة جرائم الإبادة الجماعية.
إسرائيل في قفص الاتهام للمرة الأولى
تحوّلت محكمة العدل الدولية في ديسمبر 2023 إلى مسرح لحدث قد يُعتبر الأهم في تاريخها، إذ واجهت إسرائيل لأول مرة دعوى تتهمها بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية. هذا الطلب القانوني المقدم من جنوب أفريقيا أمام المحكمة ألقى بظلال كبيرة على سجل إسرائيل في القضاء الدولي، متجاوزًا الانتقادات المعتادة لانتهاكاتها للقوانين الدولية.
هناك عدة عوامل تسهم في هذا السياق:
- خطورة الاتهامات: يصنف وصف الجريمة بأنها “أم الجرائم” كما تُعرّفها الاتفاقية الدولية، كما أن الدعوى اتسمت بتوسعها لتشمل ليس فقط الحرب الحالية في غزة، بل أيضًا الانتهاكات الطويلة الأمد لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
- عجز إسرائيل عن تجاهل المحكمة: عادةً ما تجاهل إسرائيل المحكمة الدولية، لكن هذه المرة وجدت نفسها تواجهها بشكل مباشر، مما أظهر ضعفاً في دفاعها، خاصة مع تحديد حقوقها في الدفاع عن نفسها واتهام حركة حماس بالتسبب في وفيات المدنيين الفلسطينيين.
- الموقف الدولي: بالرغم من محاولات إسرائيل لإلغاء صلاحية المحكمة في هذه الدعوى، إلا أن الرد الدولي كان موحداً بشكل عام في دعم استمرارية المحاكمة.
تُعتبر هذه الدعوى ونتائجها المتوقعة خطوة هامة في مجال القانون الدولي، حيث تسلط الضوء على مسائل حساسة وتعزز مبادئ العدالة الدولية.