تكرار الأخطاء الكارثية للحكام في الدوري الإنجليزي لماذا ؟
كشف التسجيل الصوتي بين الحكام قبل إلغاء هدف ليفربول، الذي أدى إلى هزيمته أمام توتنهام في الجولة الأخيرة من الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم، يكشف عن أحد أسباب الأخطاء التحكيمية المتكررة والكارثية في البريميرليغ.
منذ انطلاق الموسم الحالي، لم تمر جولة واحدة من السبع جولات الأخيرة للدوري الإنجليزي دون حدوث أخطاء تحكيمية، بعضها تأثرت نتائج المباريات بشكل كبير. ولم يتوقف التقدير السلبي، حيث وصل إلى حد الانتقاد اللاذع لقرارات الحكام، سواء من قبل المدربين أو الأندية. آخر هجوم جاء من نادي ليفربول، الذي أصدر بيانًا رسميًا يعبر عن استيائه إزاء قرار حكم إلغاء هدف لاعبه لويس دياز بدعوى التسلل.
فشلت تقنية حكم الفيديو المساعد (VAR) في تصحيح القرار الخاطئ الذي أدى إلى عدم احتساب هدف، مما أدى إلى إصدار رابطة الحكام الإنجليزية بيانًا يعترف فيها بصحة الهدف وينسب اللوم إلى “خطأ بشري كبير”. تم أيضاً إيقاف حكمي تقنية الفيديو المسؤولين عن هذا الخطأ.
أفادت الرابطة بأن إلغاء هدف ليفربول كان “خطأ واضحًا”، مؤكدة أن الهدف يجب أن يكون قد تم احتسابه بفضل تدخل حكم الفيديو المساعد.
تبين من تسجيل صوتي بين الحكام أن حكم تقنية الفيديو كان على علم بصحة الهدف، لكنه لم يبلغ حكم الميدان بذلك. اكتفى بالقول إن “فحص الحالة انتهى دون تغيير في القرار”، معتقدًا أن حكم الميدان قد احتسب الهدف، في حين ألغى حكم الميدان الهدف بسبب التسلل قبل المراجعة.
تكشف هذه الحادثة عن غياب تركيز حكام التقنية على الأحداث الميدانية، وكان الضحية في هذا السيناريو فريق ليفربول. أعاد الحكم تأكيد إلغاء الهدف، وبعد استئناف اللعب، حث حكم التقنية على تغيير القرار، لكن الأخير رفض، مشيرًا إلى القاعدة القانونية التي تسمح للحكم بتغيير قراره قبل استئناف اللعب فقط.
إلى جانب ضعف التركيز أو فقدانه أحيانًا، يمكن تفسير تكرار أخطاء الحكام في الدوري الإنجليزي بأربعة أسباب أخرى.
حكام فوق الـ50
يتميز الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) عن باقي الدوريات الكبرى الخمس بقراره الفريد الذي يسمح لحكام المباريات بمواصلة التحكيم حتى سن متقدم يتجاوز الحد الذي يحدده الفيفا، والذي يبلغ 45 عامًا، مع إمكانية التمديد لمدة ثلاث مواسم إضافية.
يظهر هذا التميز بوضوح عند النظر إلى قائمة حكام الساحة وحكام تقنية الفيديو في موسم 2023-2024 في البريميرليغ، حيث يبلغ عددهم 20 حكمًا، ومن بينهم غراهام سكوت البالغ من العمر 55 عامًا.
يُلاحظ أنه في الفترات السابقة، كان هناك العديد من الحكام الذين تجاوزوا سن الخمسين، ولكنهم قرروا الاعتزال في نهاية هذا الموسم. ومن بين هؤلاء الحكام كان مايك دين البالغ من العمر 55 عامًا، الذي انتقل إلى مجال التحليل التحكيمي بعد اعتزاله التحكيم.
قلة الخبرة
في سياق جهود الإحلال والتجديد نتيجة لتقاعد عدد كبير من حكام المباريات الذين بلغوا سناً متقدمة، قامت لجنة الحكام في البريميرليغ بتعيين ستة حكام جدد خلال الموسمين الأخيرين. ومع مراعاة قوة المنافسة الشديدة في هذا السياق، يتوقع أن يكون هناك زيادة في حدوث الأخطاء التحكيمية نتيجة لنقص التجارب السابقة لهؤلاء الحكام الجدد.
الوزن غير المثالي والتشكيك في اللياقة البدنية
يتميز الدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليغ) بسياسة فريدة بين الدوريات الكبرى الخمس، حيث لا يتم التدقيق في أوزان الحكام، مما أدى إلى زيادة وزن بعضهم بشكل ملحوظ خلال مشاركتهم في المباريات، وهو أمر لا يفترغ عن انتباه الملاحظين. تفتح هذه الممارسة بابًا للتساؤلات حول مدى تأثير اللياقة البدنية الملائمة لمستوى السرعة والقوة المميزة لبطولة البريميرليغ.
بالطبع، يفرض التحكيم الرياضي بالبريميرليغ ضرورة إجراء فحص طبي قبل بداية كل موسم، بالإضافة إلى اختبارات اللياقة البدنية. ومع ذلك، يُلاحظ أن هذه الاختبارات لا تكون متساوية في شدتها بين حكام السن المتقدمة أو الذين لم يشاركوا على المستوى الدولي، بالمقارنة مع اختبارات حكام الشارة الدوليين التابعين للاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا).
عدم ممارسة كرة القدم
من بين الأسباب التي أظهرها الجدل المحيط بقرار إلغاء هدف ليفربول الصحيح، يأتي ما نقلته تقارير بريطانية حول عدم ممارسة بعض حكام كرة القدم على أي مستوى. يُعتبر هذا النقص في الخبرة برأي معظم خبراء التحكيم عاملًا مؤثرًا في أداء الحكم، إذ تفرض الكثير من الدول شرط ممارسة كرة القدم على المستوى الرسمي كمعيار لدخول مجال التحكيم.
الحكام الذين مارسوا كرة القدم يتمتعون بمعرفة أكبر بخبايا بعض المخالفات التي قد لا تكون واضحة بالنسبة لأولئك الذين لم يمارسوا هذه الرياضة. يتعلق الأمر خاصةً بداخل منطقة الجزاء، حيث يكثر استخدام التمثيل لخداع الحكام والحصول على ضربات جزاء غير مستحقة.
يمكن تمييز الحكام الذين لم يمارسوا كرة القدم أحيانًا من خلال طريقة ركضهم ووضعيتهم غير الرياضية، وهو أمر قد يكون ملحوظًا بشكل غير مألوف في بعض الدوريات الفارقة، ولكن يظهر بشكل مثير للدهشة عند مشاهدته في إحدى الدوريات الخمس الكبرى، كما هو الحال في الدوري الإنجليزي الممتاز.