تهديد هجمات الحوثي على إمدادات النفط يدفع أميركا للسعي إلى تشكيل تحالف دولي لكبح التصعيد

تأرجحت أسعار النفط اليوم، وذلك في سياق متابعة المستثمرين للتداعيات المحتملة على إمدادات النفط نتيجة للهجمات التي شنها الحوثيون في اليمن على سفن في البحر الأحمر. يأتي ذلك في إطار جهودهم لفرض ضغط من أجل تأمين إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، الذي يتعرض لهجمات إسرائيلية متواصلة لمدة 74 يومًا، أسفرت عن وفاة أكثر من 19 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 52 ألف آخرين.

وشهدت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاعًا بلغت 6 سنتات، لتصل إلى 78.01 دولار للبرميل حتى الساعة 07:26 بتوقيت غرينتش. في المقابل، انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي لأقرب شهر استحقاق بنسبة 18 سنتًا إلى 72.29 دولار للبرميل، وتراجع عقد الشهر الثاني الأكثر نشاطًا بمقدار 10 سنتات أو 0.1% إلى 72.72 دولارًا.

في هذا السياق، قررت شركة بريتش بيتروليوم (بي بي) تعليق جميع عمليات النقل عبر البحر الأحمر مؤقتًا، فيما أعلنت مجموعة ناقلات النفط “فرونت لاين” أن سفنها ستتجنب المرور عبر الممر المائي. وهذا يعتبر إشارة إلى توسع دائرة الأزمة لتشمل شحنات الطاقة.

يجدر بالذكر أن نحو 15% من حركة الشحن العالمية تمر عبر قناة السويس، التي تقع في أقصى شمال البحر الأحمر، وتعتبر هذه القناة أقصر طريق للشحن بين أوروبا وآسيا.

عملية بحرية

أعلن وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في وقت مبكر اليوم، عن تشكيل قوة متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر بعد الهجمات التي نفذها الحوثيون على سفن متجهة إلى إسرائيل. يتولى الولايات المتحدة القيادة في هذه القوة، وتشمل مهامها دوريات مشتركة في المياه الدولية للبحر الأحمر.

وناشد أوستن العديد من الدول باتخاذ إجراءات فعّالة لمواجهة هجمات الحوثيين على السفن، جاء ذلك خلال مشاركته في اجتماع لوزراء الدفاع لتعزيز جهود أمن التجارة في الممر المائي الحيوي.

وأكد أوستن قائلاً: “تعتبر هذه الهجمات الاستفزازية من قبل الحوثيين مشكلة دولية خطيرة تتطلب استجابة دولية قوية”.

وأشار جون رونغ يب، إستراتيجي السوق في آي جي في سنغافورة، إلى أن الرد السريع والتضامن الذي أظهرته الدول في التصدي للهجمات قد يلتزم بعض الاحتياطات، مما أثر سلباً على أسعار النفط في جلسة التداول اليوم.

في سياق آخر، أعلنت شركة أمبري البريطانية للأمن البحري عن تلقيها معلومات حول محاولة للاقتراب من سفينة في موقع على بعد 17 ميلاً غرب مدينة عدن اليمنية. ورغم فشل الهجوم، أفادت الشركة بأن جميع أفراد الطاقم بخير.

وأعلنت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، خلال اجتماعها مع نظيرها البريطاني في باريس، عن قرار فرنسا اتخاذ إجراءات مشتركة مع الشركاء لوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مؤكدة على أن الحوثيين يحظون بدعم مستمر من إيران.

لا داعي لها

قال كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبد السلام، إن جماعته لا تعتزم تغيير موقفها من الصراع في غزة بسبب تشكيل التحالف البحري متعدد الجنسيات الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز اليوم.

وأشار عبد السلام إلى أن التحالف البحري الذي يقوده الولايات المتحدة “غير ضروري أساساً”، مؤكدًا أن المياه المجاورة لليمن تعتبر آمنة للجميع باستثناء السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى إسرائيل، وذلك نتيجة لـ “الحرب العدوانية الظالمة على فلسطين والحصار المفروض على قطاع غزة”.

من جهة أخرى، أكد عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، محمد البخيتي، لشبكة الجزيرة يوم أمس، أن الحوثيين قادرون على مواجهة أي تحالف يُشكله الولايات المتحدة بهدف نشره في البحر الأحمر. وأضاف أن الأميركيين قدموا عرضًا لعدم عرقلة جهود التسوية السلمية في اليمن مقابل وقف العمليات العسكرية الحوثية في البحر الأحمر، ولكنهم رفضوا ذلك بشدة، مؤكدًا رفض أي تهديدات.

تعديل المسار

في سياق متصل، أعلنت شركة ميرسك الدانماركية اليوم أنها ستقوم بتغيير مسار سفنها التي كانت مخططة للمرور عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، حيث ستعبر حول قارة أفريقيا عبر رأس الرجاء الصالح نتيجة لتصاعد الهجمات في المنطقة.

ووفقًا لبيان صادر عن الشركة، تعلقت ميرسك برحلات حوالي 20 سفينة حتى أمس، حيث يتوقع أن يكون نصف هذه السفن في الجهة الشرقية من خليج عدن، بينما يتوقع النصف الآخر التواجد جنوب قناة السويس في البحر الأحمر أو إلى الشمال منها في البحر المتوسط.

وأوضحت الشركة أن “توجيه السفن عبر رأس الرجاء الصالح سيؤدي إلى نتائج أسرع وأكثر قدرة على التنبؤ بها بالنسبة لعملائنا وسلاسل التوريد الخاصة بهم”.

تأتي هذه الخطوة بعد قرار شركة شحن الحاويات التايوانية “إيفرغرين” أمس بتعليق استقبال البضائع الإسرائيلية فورًا، مع إصدار تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى يتم إشعار آخر.

وفي سياق مشابه، أعلنت شركة الشحن البحري التايوانية “يانغ مينغ” أنها ستقوم بتغيير مسار سفنها الملاحة عبر البحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح خلال الأسبوعين المقبلين نظرًا لتصاعد الهجمات على السفن.