خبير عسكري: انسحاب الجيش السوداني من ود مدني رغم عدم وجود حصار
“تحقيق عسكري في انسحاب الجيش السوداني من ود مدني: توجيه اتهامات لقادة الفرقة الأولى وتأثيرات النكسة العسكرية”
باشرت القوات العسكرية السودانية تحقيقًا مع قادة الفرقة الأولى، المتمركزين في مدينة ود مدني، بسبب انسحابهم المفاجئ قبل وصول قوات الدعم السريع وسيطرتها على المدينة. يُعتبر هذا الانسحاب من قبل محللين عسكريين “نكسة عسكرية”، ما أسفر عن صدمة وطنية. قام قائد الدعم السريع، محمد حمدان دقلو “حميدتي”، بالدفاع عن التمدد في وسط وشرق السودان، فيما تزايدت الضغوط الغربية للدفع بالأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة التفاوض لوقف التصعيد، بهدف تفادي انهيار البلاد.
دخلت قوات الدعم السريع مدينة ود مدني يوم الاثنين الماضي بعد انسحاب الجيش بشكل مفاجئ، مما أثار غضبًا وانتقادات واسعة لقيادة الجيش بسبب تخليها عن مدينة استراتيجية تربط المناطق المركزية والشرقية والغربية والجنوبية الشرقية، والتي تستضيف نحو نصف مليون نازح من العاصمة الخرطوم، وأصبحت مركزاً اقتصادياً هاماً بعد اندلاع الحرب في العاصمة.
أعلنت القوات السودانية يوم الثلاثاء الماضي تشكيل لجنة تحقيق للتحقيق في ظروف انسحاب قواتها من الفرقة الأولى في ود مدني، مع التعهد بنشر نتائج التحقيق للرأي العام.
أسباب الانسحاب
“لجنة تحقيق عسكرية في انسحاب الجيش السوداني: تحديد الأسباب وتغييرات في القيادة”
أكد مستشار في وزارة الدفاع أن لجنة التحقيق، التي أُنشئت بقرار من قيادة الجيش السوداني، بدأت التحقيق مع قادة الفرقة الأولى الذين انسحبوا إلى مدينة سنار، التي تقع على بُعد 110 كيلومترًا جنوب شرق ود مدني. يهدف التحقيق إلى تحديد أسباب الانسحاب وتحديد المسؤولين عن هذا القرار.
وفي حديث للجزيرة نت، أوضح المستشار – الذي طلب عدم الكشف عن هويته – أن هناك عدة فرضيات قد تكون وراء الانسحاب، مثل التواطؤ أو نقص في الأسلحة والذخائر والمقاتلين، أو تقديرات غير مرئية للآخرين من قائد الفرقة. ورفض التكهن بأي فرضية قبل اكتمال تحقيق اللجنة.
وأشار إلى أن تعيين قيادة جديدة للفرقة الأولى يعتبر أمرًا طبيعيًا، حيث يُوقف أي ضابط خلال التحقيق حتى إعلان نتائج التحقيق.
وأكد المستشار أن عنصر المفاجأة كان سببًا رئيسيًا في الهزة العنيفة التي شهدتها ود مدني، حيث لم يكن أحد يتوقع انسحاب الجيش بدون قتال بعد مواجهات في الجانب الشرقي من النيل الأزرق.
من جهة أخرى، أُفاد أن لجنة تحقيق عسكرية، برئاسة اللواء حيدر الطريفي، بدأت التحقيق في مدينة سنار مع قادة الفرقة الأولى في ود مدني، ومن المتوقع أن يشمل التحقيق عدة ضباط آخرين، مع إنهاء التحقيق في غضون أيام قليلة.
البرهان يتوعد
“تعهد قائد الجيش السوداني بالمحاسبة: الجيش جاهز لمحاربة الفساد والمتخاذلين”
أعرب قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أمام ضباط منطقة البحر الأحمر العسكرية في بورتسودان، يوم الخميس الماضي، عن التزامه بالمحاسبة الصارمة لكل من تسبب في التقصير أو التهاون في التعامل مع الأحداث في مدني بولاية الجزيرة. وأكد البرهان أن هذه المحاسبة ستكون عسيرة، ولن يكون هناك مجال للمجاملات.
ودعا البرهان إلى عدم الاهتمام بشائعات العملاء التي تهدف إلى تشكيك في القوات المسلحة وبث الرعب في نفوس المواطنين، مؤكدًا أن الجيش مستعد للقتال حتى آخر جندي.
من جهة أخرى، كشف عضو لجان المقاومة في ود مدني، سامي عبد القادر، للجزيرة نت أن قوات الدعم السريع قامت بعمليات نهب واسعة لممتلكات المواطنين بعد سيطرتها على ود مدني. وأشار إلى أن هناك مقاومة في بعض أجزاء المدينة من قبل قوات صغيرة من المخابرات والمتطوعين، ولكن أغلبية الأحياء تشهد حالة نزوح نحو مدن أخرى.
تسريع المفاوضات
“تحليل عسكري للأحداث في ود مدني: غموض الانسحاب وتداعياته المحتملة”
يرى الخبير العسكري، موسى حامد، أن الأحداث التي جرت في مدينة ود مدني تكتنفها غموض لن يُكشف إلا من خلال التحقيق، حيث لم تكن القوات الجيش محاصرة في المدينة، وكانت الطرق إليها متاحة بالسلاح والرجال. وفي تقديره، يجب أن تظل القوات العسكرية قوية في وجه التحديات، ولكنها انسحبت بعد 4 أيام.
وفي حديثه للجزيرة نت، قارن الخبير بين ما حدث في ود مدني والأحداث في قيادات فرق عسكرية أخرى في دارفور، حيث استمرت في القتال لفترة طويلة حتى نفدت مواردها وتعرضت للحصار. وأوضح أن قرار انسحاب الفرقة العسكرية يتخذ بموافقة القيادة العسكرية العليا، معربًا عن قلقه من تقديم قائد الفرقة في ود مدني كـ”كبش فداء” لامتصاص الغضب الشعبي.
وتوقع الخبير زيادة الضغوط الدولية للدفع بالأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات، محذرًا من تداول الحرب في السودان وتوسعها، ما قد يؤدي إلى فوضى واضطرابات تهدد بانهيار البلاد وتكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة.
من جهة أخرى، أعلن البرهان في تصريحاته أمام ضباط البحر الأحمر العسكرية عن استعداد الجيش للمشاركة في مفاوضات مع قوات الدعم السريع، مع التركيز على نقاط محددة، منها وقف إطلاق النار وانسحاب الدعم السريع من المناطق السكنية. وتعهد بعدم توقيع اتفاق يمس كرامة الجيش والشعب السوداني.
في سياق متصل، أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، على تحقيق تقدم في حل الأزمة السودانية، حيث أشار إلى اتفاق محتمل بين البرهان وحميدتي على وقف إطلاق النار، وأكد على ضرورة إجراء لقاء مباشر لتحقيق تقدم في هذا الاتجاه.
تعليق واحد