مدينة غزة

غزة هي مدينة ساحلية فلسطينية، وتُعد أكبر مدن قطاع غزة، وتقع في الطرف الجنوبي للساحل الشرقي للبحر المتوسط. تبلغ مساحتها 56 كم2، وتعد المركز الإداري لمحافظة غزة، وأكبر مدينة من حيث عدد السكان، حيث وصل عدد سكانها إلى 590,481 نسمة في عام 2017. تُعتبر غزة أحد أهم المدن الفلسطينية بسبب موقعها الاستراتيجي وأهميتها الاقتصادية والعمرانية.

تأسست المدينة في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وشهدت العديد من الاحتلالات على مر العصور، بدءًا من الفراعنة والإغريق والرومان، وصولاً إلى الفترة العربية والعثمانية. دخلت المسلمون المدينة في عام 635م، وأصبحت مركزًا إسلاميًا مهمًا، وتحتفظ بقبر الإمام الشافعي، وهو أحد أئمة المذاهب الأربعة عند المسلمين السنة.

في العصور الحديثة، أثرت الأحداث الإقليمية على غزة، حيث كانت تحت الانتداب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، ثم أُديرت من قبل مصر بعد حرب عام 1948. احتُلت من قبل إسرائيل عام 1967، ومع إتفاقية أوسلو عام 1993، تحولت السيادة الإدارية إلى السلطة الوطنية الفلسطينية. في عام 2006، اندلعت صراعات بين حركة فتح وحماس، ومنذ ذلك الحين، فُرض حصار على غزة من قبل إسرائيل ومصر.

النشاطات الاقتصادية في غزة تتمثل أساسًا في الصناعات الصغيرة والزراعة والعمل. ومع ذلك، فقد تأثر الاقتصاد بشكل كبير بالحصار الإسرائيلي والتوترات المتكررة.

تسميتها

تعد غزة من أقدم المدن التي شهدتها التاريخ، ورغم أن سبب تسميتها بهذا الاسم ليس محددًا بدقة، إذ تغير عبر العصور بتبدل الأمم التي استوطنتها، فقد كانت تعرف عند الكنعانيين باسم “هزاتي”، وعند الفراعنة باسم “غزاتو”، وكان الآشوريون واليونانيون يطلقون عليها “عزاتي” و “فازا”، وعند العبرانيين باسم “عزة”، وكانت الصليبيين يعرفونها باسم “غادرز”، أما الأتراك فظلوا يطلقون عليها الاسم العربي “غزة”، والإنجليز يطلقون عليها اسم “غازا”.

تتنوع آراء المؤرخين حول سبب تسمية المدينة بـ”غزة”، حيث يرى البعض أنها مشتقة من مفهوم “المنعة” و “القوة”، بينما يعتقد الآخرون أن معناها يعبر عن “الثروة”، وهناك من يرى أنها تعني “المُميزة” أو “المُختصة” بصفات تميزها عن غيرها من المدن. وفي معجم ياقوت الحموي، وصفت بأنها تعني “أن يُحسن شخص ما فلانًا ويعتز به إذا اختُص به من بين أقرانه”.

قام العرب بترسيخ رابطة وثيقة مع غزة، حيث كان تجارهم يتجهون إليها في أعمالهم التجارية ورحلاتهم، نظرًا لكونها مركزًا هامًا على طرق تجارية عدة. كانت غزة هدفًا لرحلة الشتاء والصيف التي ذُكرت في القرآن الكريم في سورة قريش، حيث كان القرشيون يتجهون إليها في الصيف. وفي إحدى رحلات الصيف إلى غزة، توفي هاشم بن عبد مناف، جد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ودُفن في غزة في الجامع المعروف اليوم بجامع السيد هاشم في حي “الدرج”.

التاريخ

تأسست مدينة غزة على يد الكنعانيين في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وطوال تاريخها، لم تشهد غزة حكمًا مستقلًا، حيث احتلتها مختلف الشعوب مثل الفراعنة والإغريق والرومان والبيزنطيين والعثمانيين وغيرهم. ذُكرت المدينة لأول مرة في مخطوطة تحتمس الثالث، التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد، وكذلك ذُكرت في رسائل تل العمارنة. بعد 300 سنة من الاحتلال الفرعوني، استقرت قبيلة فلسطينية في المدينة حوالي عام 635م عندما دخل المسلمون العرب المدينة، وأصبحت مركزًا إسلاميًا هامًا، خاصة بوجود قبر الجد الثاني للنبي محمد، هاشم بن عبد مناف، الذي جعل المدينة مشهورة أحيانًا باسم “غزة هاشم”. وتُعتبر المدينة أيضًا مسقط رأس الإمام الشافعي، الذي وُلد فيها عام 767م، وهو أحد الأئمة الأربعة في المذاهب الإسلامية السنية.

سيطر الأوروبيون على غزة خلال فترة الحملات الصليبية، ولكن استعادها المسلمون بقيادة صلاح الدين الأيوبي بعد فوزهم في معركة حطين عام 1187. ازدهرت المدينة في الفترة الأخيرة من الحكم العثماني، حيث أُسست فيها أول مجلس بلدي عام 1893. سقطت غزة في أيدي القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى، وأصبحت جزءًا من الانتداب البريطاني على فلسطين. ونتيجة للحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، تولت مصر إدارة أراضي قطاع غزة وأجرت العديد من التحسينات في المدينة.

احتلت إسرائيل قطاع غزة عام 1967 (نكسة)، ولكن في عام 1993، تم تحويل المدينة إلى السلطة الوطنية الفلسطينية. بعد انتخابات عام 2006، اندلعت مواجهات بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس، حيث رفضت حركة فتح نقل السلطة في غزة إلى حماس. ومنذ ذلك الحين، وقعت غزة تحت الحصار من قبل إسرائيل ومصر. ولكن بعد الثورة المصرية، قامت مصر بفتح معبر رفح لتسهيل تنقل المواطنين في غزة، على الرغم من أن هذا القرار لم يؤثر كثيرًا.