هوس النوم المثالي: بين الفوائد والمخاطر

في الآونة الأخيرة، انتشرت مقاطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على محاولات بعض الأفراد للوصول إلى أفضل جودة ممكنة من النوم، تحت وسم “سليبماكسينغ” (Sleepmaxxing)، الذي أصبح واحدًا من أبرز المواضيع رواجًا على الإنترنت. وتناولت الصحفية إيميلي لافينيا في حديثها مع صحيفة إندبندنت تجربتها الشخصية مع هذا الاتجاه، إلى جانب آراء عدد من خبراء الصحة.
هوس متزايد بتحسين النوم
أصبح السعي وراء النوم المثالي هاجسًا لدى بعض مستخدمي الإنترنت، حيث يتبعون استراتيجيات وأدوات وتقنيات متعددة بشكل مبالغ فيه لتحسين جودة ومدة النوم. ويوضح الدكتور هاري غاريت، الباحث المتخصص في شؤون النوم في المملكة المتحدة، أن هذا الاتجاه يركز على تحسين جودة النوم وعدد ساعاته من أجل تعزيز الصحة الجسدية والعقلية. ويتضمن ذلك استخدام تقنيات حديثة، مثل الأجهزة الذكية والمكملات الغذائية، بهدف تحفيز الجسم على النوم العميق والمريح.
تعتمد الأجهزة الذكية على تتبع مراحل النوم المختلفة، بما في ذلك النوم العميق ونوم “حركة العين السريعة”، بينما يلجأ البعض إلى وسائل أخرى مثل المكملات الغذائية، والملابس والأغطية المصممة لزيادة الراحة، واستخدام سدادات الأذن وأجهزة تنقية الهواء، وحتى أساور تقيس النشاط الكهربائي للقلب.
النتائج المتباينة بين الفوائد والمخاطر
رغم أن هذا الاتجاه ساعد بعض الأفراد على زيادة عدد ساعات نومهم والتخلص من صعوبات النوم، إلا أنه أدى لدى آخرين إلى عواقب غير مرغوبة، مثل القلق المفرط بشأن جودة النوم، والتوتر عند عدم الالتزام بروتين معين قبل النوم، والاعتماد المفرط على البيانات التي توفرها الأجهزة الذكية.
هل أصبح النوم سلعة تجارية؟
تشير الدكتورة كارليرا فايس، مستشارة علوم النوم في جامعة بافالو، إلى أن “تسويق النوم كمنتج أمر مثير للقلق”. فبدلاً من التركيز على اتباع عادات نوم صحية، بات البعض يعتمد على شراء المزيد من المنتجات التي تعد بتحسين النوم، دون دليل علمي قاطع على فعاليتها. كما أن مقارنة أنماط النوم الشخصية بالآخرين على الإنترنت قد تؤدي إلى شعور بالإحباط والقلق، مما يأتي بنتائج عكسية.
النوم عملية طبيعية لا تحتاج إلى تعقيد
تؤكد خبيرة فسيولوجيا النوم، ستيفاني روميسزوسكي، أن “النوم عملية طبيعية لا تحتاج إلى تدخلات معقدة”. وترى أن المفتاح الحقيقي لتحسين النوم يكمن في الحفاظ على نمط حياة متوازن، يتضمن النشاط البدني، والتواصل الاجتماعي، والابتعاد عن العادات التي تعيق النوم، مثل الإفراط في استخدام الشاشات قبل النوم أو القلق الزائد بشأن الروتين المثالي.
كيف تحصل على نوم جيد بطريقة صحية؟
قدم خبراء مجلة هيلث لاين مجموعة من النصائح العملية لتحسين النوم بشكل طبيعي، دون الحاجة إلى إنفاق الأموال على منتجات غير ضرورية:
- تجنب الكافيين قبل النوم بست ساعات على الأقل.
- الحد من التعرض للضوء الأزرق قبل النوم بمدة لا تقل عن 45 دقيقة.
- ممارسة الرياضة بانتظام، مع تجنب التمارين المكثفة قبل النوم.
- الالتزام بروتين نوم منتظم، من حيث أوقات النوم والاستيقاظ.
- توفير بيئة نوم مريحة، مثل غرفة باردة ومظلمة.
- التعرض لأشعة الشمس صباحًا لتنظيم الساعة البيولوجية.
الخلاصة
السعي إلى تحسين النوم أمر جيد، لكن الهوس به قد يتحول إلى عبء نفسي وجسدي. فبدلًا من التركيز على أدوات وتقنيات قد لا تكون ضرورية، يمكن تحقيق نوم صحي من خلال اتباع عادات بسيطة وطبيعية. وكما يشير الخبير النفسي نوح كاس: “إعطاء الأولوية للراحة هو المفتاح لصحة أفضل، سواء أطلقت عليه النوم المثالي أم لا”.