اقتصاد

الأحداث السياسية في كوريا الجنوبية وأثرها على الاقتصاد

شهدت كوريا الجنوبية تسارعًا ملحوظًا في الأحداث السياسية عقب إعلان الرئيس يون سوك يول فرض الأحكام العرفية تحت ذريعة “الدفاع عن البلاد أمام كوريا الشمالية وحماية النظام الدستوري الحر”. ومع ذلك، سارعت الجمعية الوطنية إلى إبطال هذا القرار، مما أجبر القوات العسكرية على الانسحاب من الشوارع وأسفر عن استقالات جماعية في الحكومة.

طالب عدد من المشرعين بعزل الرئيس بعد تراجعه عن الأحكام العرفية بساعات قليلة، ما أحدث أزمة سياسية تُعد الأكبر منذ عقود في رابع أكبر اقتصاد آسيوي. هذه التطورات وضعت كوريا الجنوبية في صدارة المشهد العالمي، خصوصًا بالنظر إلى التحولات الاقتصادية الجذرية التي شهدتها البلاد خلال العقود الستة الماضية.

التحول الاقتصادي الكبير

منذ نهاية الحرب الكورية عام 1953، مر الاقتصاد الكوري بتحولات هائلة. فبعد أن كان يعتمد على الزراعة في الستينيات، توجهت كوريا الجنوبية نحو الصناعات الثقيلة في السبعينيات مثل الصلب والكيماويات. في الثمانينيات، ركزت على التكنولوجيا الفائقة، لتصبح واحدة من أكبر 14 اقتصادًا في العالم بحلول عام 2023، مع ناتج محلي إجمالي بلغ 1.71 تريليون دولار.

عوامل نجاح الاقتصاد الكوري

حقق الاقتصاد الكوري قفزات نوعية بفضل سياسات اقتصادية مبتكرة واستثمارات ضخمة في البحث والتطوير. ومن أبرز عوامل النجاح:

  1. التوجه نحو التصدير: أصبحت كوريا الجنوبية واحدة من أكبر 10 دول مصدرة عالميًا، حيث شكلت الصادرات 56.3% من ناتجها المحلي الإجمالي في 2012.
  2. بيئة عمل مبتكرة: احتلت كوريا المرتبة الرابعة عالميًا في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2018.
  3. الابتكار والتكنولوجيا: ساهمت الاستثمارات الضخمة في البحث والتطوير بنسبة 4.23% من الناتج المحلي الإجمالي في تعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد.
  4. دعم الحكومة للبحث العلمي: نما الإنفاق على البحث والتطوير بنسبة 88.5% بين عامي 1996 و2015.

التحديات الاقتصادية المستقبلية

رغم النجاحات، تواجه كوريا الجنوبية تحديات عديدة وفقًا لمنتدى شرق آسيا:

  1. انخفاض الصادرات والواردات: تأثرت الصادرات الكورية الرئيسية، مثل شرائح الذاكرة، بانخفاض كبير بلغ 30.6% في 2024.
  2. تكاليف الطاقة المرتفعة: لا تزال أسعار واردات الطاقة أعلى من مستويات ما قبل الحرب الروسية الأوكرانية.
  3. تراجع الصادرات إلى الصين: شهدت الصادرات إلى الصين انخفاضًا بنسبة 20% عام 2023، مما أدى لأول عجز تجاري مع الصين منذ 31 عامًا.
  4. المواجهة الأميركية الصينية: أدت الحرب التكنولوجية بين الولايات المتحدة والصين إلى تعقيد التجارة الكورية، خصوصًا في قطاع أشباه الموصلات.

ختامًا

تستمر كوريا الجنوبية في مواجهة تحديات داخلية وخارجية بينما تحافظ على مكانتها كواحدة من أقوى الاقتصادات عالميًا. يبقى السؤال الأبرز: كيف ستتمكن البلاد من تجاوز هذه العقبات والاستمرار في تحقيق نمو اقتصادي مستدام؟

زر الذهاب إلى الأعلى