هل يستطيع محمد مصطفى تحقيق أهداف الحكومة الفلسطينية المكلف بتشكيلها؟
في ظل التوتر الإعلامي والهجوم اللاسبق الذي شهدته العلاقة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، جراء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى بدء مشاوراته لتشكيل الحكومة الفلسطينية التاسعة عشرة.
وأصدرت حركات حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والمبادرة الوطنية بيانًا مشتركًا، أدانت فيه التكليف الذي أعلن عنه، مؤكدة أن اتخاذ القرارات الفردية والتركيز على إجراءات شكلية فارغة من المضمون مثل تشكيل حكومة جديدة دون توافق وطني يعزز الانقسام ويعمّق التفرّد، وذلك في لحظة تاريخية حرجة.
وتلقت هذه البيانات ردًا حادًا من حركة فتح، التي اتهمت حماس بالمساهمة في إعادة احتلال إسرائيل لقطاع غزة، ووصفت الوضع بأنه “نكبة جديدة تعيشها الشعب الفلسطيني”.
مهام الحكومة
تأتي أهداف الحكومة المقبلة، وفقًا لنص التكليف الذي صدر يوم الخميس، بتصدر قيادة وتنظيم وتنسيق جهود الإغاثة في قطاع غزة، والانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مرحلة الانتعاش الاقتصادي، ووضع خطط وآليات تنفيذية لعملية إعادة توحيد المؤسسات بين المحافظات، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة والتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في أقرب وقت ممكن، فضلاً عن إجراء إصلاحات أمنية واقتصادية وقضائية.
وفي رسالة للرئيس الفلسطيني حيث أعرب عن قبوله للتكليف، أكد مصطفى أنه سيعمل على تنفيذ المهام المنصوص عليها في كتاب التكليف، وأشار إلى أن أهم أولوياته هو رفع المعاناة عن شعب فلسطين، وخاصة في قطاع غزة، وتقديم كل أشكال الدعم والإغاثة.
وعلى الرغم من تلك الأهداف المعلنة، يعتبر البعض أن هذه الأهداف قد تكون مكررة وصعبة التحقق، خاصة مع عدم سيطرة السلطة الفلسطينية على قطاع غزة ورفض إسرائيل عودتها، ومن جهة أخرى، يرى آخرون أنها خطوة إيجابية يمكن البناء عليها في ظل مساعي إسرائيل لتدمير كل بناء مؤسساتي فلسطين.
حسن خريشة، النائب الثاني لرئيس التشريعي، أشار إلى أن محمد مصطفى وأي شخص آخر لا يمكنهما مواجهة الظروف الحالية، معتبرًا أن ما جاء في التكليف هو نسخة مكررة من التكليفات السابقة وأن التكليف يعبر عن إرادة الأجنبي وليس إرادة الشعب الفلسطيني.
أحاديات كثيرة
في السياق ذاته، يعتبر الكاتب السياسي عبد المجيد سويلم أن الحكومة القادمة يجب أن تركز أساسًا على إعادة البناء في قطاع غزة كمهمة مركزية، بالإضافة إلى تحضير المجتمع الفلسطيني لاختيار قادته السياسيين وأحزابه، والعودة إلى الحياة الديمقراطية من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، بحسب سويلم.
وبالرد على الانتقادات التي وجهت للتكليف بتشكيل الحكومة بسبب “التفرد” به، أكد سويلم أن التحركات الأحادية ليست محصورة في جانب واحد فقط في الساحة الفلسطينية، بل توجد منذ فترة طويلة، وأشار إلى أن خطوة تكليف محمد مصطفى لتشكيل الحكومة كان يجب أن تتم بالتوافق الوطني الشامل في الحالات الممكنة.
وأضاف سويلم أنه من الضروري التأكيد على أن التحركات التي قامت بها حركة حماس، مثل “طوفان الأقصى”، لم تكن منسقة وطنياً، مما يجعلها ليست خطوة فردية واضحة القصد.
وفي سياق متصل، يعبر سويلم عن تخوفه من حالة الفراغ التي قد تنشأ في ظل محاولات إسرائيلية للتخلص من كل ما هو وطني ومؤسسي فلسطيني في قطاع غزة، ويعتبر أن تشكيل حكومة في مثل هذه الظروف قد يساهم في منع نتنياهو واليمين الفاشي في إسرائيل من تحقيق مآربهم.
وبخصوص تأثير القرار الأمريكي في تشكيل الحكومة، يعتقد سويلم أن الحكومة المقبلة قد تكون مقبولة على المستوى الإقليمي والدولي، لكنه يستبعد أن تكون لها القدرة على حل جميع الأزمات، ويشير إلى أن الضغوط الإسرائيلية قد تجعل من الصعب على الحكومة القادمة الوصول إلى الأموال الفلسطينية المحجوزة.
من جهته، يشير الباحث في العلوم السياسية أحمد أبو الهيجا إلى عدم وجود فرصة لتنفيذ بنود التكليف المقدمة لمحمد مصطفى، ويعتبر أن جزءًا من هذه البنود قد يكون متوافقًا مع المرحلة الراهنة.
وبحسب آراء أبو الهيجا، فإن تكليف مصطفى ليس قرارًا فلسطينيًا فحسب، بل تم بناء على مشاورات إقليمية ودولية، وبالتالي فإن الاعتماد على محمد مصطفى كمرشح لتشكيل الحكومة لا يعتمد فقط على موافقة الأطراف الداخلية.
ويضيف أبو الهيجا أن مصطفى قد لا يكون شخصية مناسبة للتغيير خلال الفترة الحالية، نظرًا لقربه الشديد من الرئيس محمود عباس، مما يجعله غير قادر على تحقيق التوافق المطلوب من قبل الأطراف الفلسطينية المعنية.