مستثمرون صينيون يضخون الملايين في شركات ماسك عبر هياكل مالية سرية

كشفت صحيفة “فايننشال تايمز” أن مستثمرين صينيين أثرياء يقومون بهدوء بتحويل عشرات الملايين من الدولارات إلى شركات خاصة يسيطر عليها الملياردير إيلون ماسك، مستخدمين ترتيبات مالية تخفي هوياتهم عن الرأي العام. وأوضحت الصحيفة، نقلًا عن مديري أصول ومستثمرين مشاركين في هذه المعاملات، أن هذه الاستثمارات تتم من خلال شركات ذات أغراض خاصة، وهي هياكل مالية غير شفافة مصممة لحماية هوية المستثمرين وتجنب التدقيق من الجهات التنظيمية الأميركية، خاصة في ظل تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين.
تدفق الأموال نحو شركات ماسك
يستفيد ماسك من هذه الاستثمارات في تمويل مشاريعه غير المدرجة في البورصة، بما في ذلك شركة الذكاء الاصطناعي “إكس إيه آي”، وشركة “نيورالينك” المتخصصة في تطوير شرائح الدماغ، و”سبيس إكس”، التي تعمل في مجال استكشاف الفضاء. وأشارت الصحيفة إلى أن مديري أصول صينيين يروجون لعلاقة ماسك القوية مع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب كعامل جذب لجمع رؤوس الأموال من المستثمرين الأثرياء في الصين.
الشركات ذات الأغراض الخاصة: أداة مالية لحماية المستثمرين
وفقًا للصحيفة، يتم توجيه هذه الاستثمارات عبر كيانات مالية مسجلة في ملاذات ضريبية، مثل جزر كايمان، حيث يتم دمج الأموال في صناديق استثمارية مقرها الولايات المتحدة تديرها شركات أسهم خاصة غربية. وبذلك، لا يظهر الوجود الصيني بشكل مباشر في السجلات الرسمية، مما يساعد على تجنب التدقيق الرقابي الأميركي.
ورغم أن استخدام هذه الهياكل المالية ليس مخالفًا للقانون، إلا أنه يثير مخاوف بشأن احتمال وجود تأثير غير مناسب على الشركات الأميركية، لا سيما في ظل تزايد انخراط ماسك في السياسة والأعمال بالولايات المتحدة. وفي هذا السياق، قال ديريك سكيسورز، الزميل البارز في معهد “أميركان إنتربرايز”: “كيف يمكن لشخص في موقع ماسك أن يحتفظ بروابط قوية مع الصين، ومع ذلك يُنظر إليه كشخص مناسب لإصلاح الحكومة الأميركية؟”
استثمارات بمليارات الدولارات وسط توتر سياسي
خلال العامين الماضيين، قام ثلاثة مديرين للأصول في الصين ببيع ما يزيد على 30 مليون دولار من الأسهم في شركات ماسك الخاصة، مثل “سبيس إكس” و”إكس إيه آي” و”نيورالينك”. ووفقًا لبيانات “بتش بوك”، جمعت “سبيس إكس” أكثر من 10 مليارات دولار من مستثمرين عالميين منذ تأسيسها عام 2002.
وبحسب المصادر، فإن الحافز الرئيسي وراء تدفق رؤوس الأموال الصينية إلى شركات ماسك هو تحقيق أرباح عالية، وليس نقل التكنولوجيا أو التأثير على السياسة الأميركية. ومع تباطؤ الاقتصاد الصيني، يبحث المستثمرون الأثرياء عن فرص استثمارية مربحة خارج البلاد.
استثمارات مبكرة وعوائد ضخمة
بدأ المستثمرون الصينيون في ضخ الأموال في مشاريع ماسك منذ عام 2019، عندما شرع في بناء مصنع “تسلا” في شنغهاي. وكانت هذه الاستثمارات المبكرة مربحة للغاية، حيث كشفت شركة “هومير فايننشال” لإدارة الأصول أن بعض عملائها حصلوا على عوائد بلغت 530% بعد استثمارهم في “سبيس إكس” عام 2018، قبل أن يبيعوا حصصهم بعد ست سنوات.
ورغم القيود التي فرضتها بكين على الشركات الخاصة، لا تزال شركات ماسك تجذب المستثمرين الصينيين. وفي العامين الماضيين، أطلقت “هومير فايننشال” ثلاثة صناديق استثمارية لشراء أسهم “سبيس إكس”، وتمكنت من جمع رؤوس الأموال في غضون أسابيع فقط.
قيود أميركية وبدائل استثمارية
تواجه الاستثمارات الصينية في الشركات الأميركية الكبرى تحديات كبيرة، حيث تعتبر “سبيس إكس” شركة حساسة بسبب ارتباطها بعقود مع الجيش الأميركي. وأوضح كيفن تشين، كبير الاقتصاديين في “هورايزون فايننشال”، أن “الكيانات الصينية تجد صعوبة في الاستثمار المباشر في شركات التكنولوجيا الأميركية المتقدمة مثل سبيس إكس، حيث لا يُرحَّب بالأموال الصينية في العديد من القطاعات”.
ونظرًا لهذه القيود، يلجأ المستثمرون الصينيون إلى شراء أسهم ماسك عبر شركات ذات أغراض خاصة، مما يمنحهم ملكية غير مباشرة بعيدًا عن الرقابة. كما تُبرم هذه الصفقات عبر وسطاء ماليين، يضمنون شروطًا تتيح تصفية الاستثمارات في حالات الطوارئ، مثل نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة والصين.
مستقبل الاستثمارات الصينية في شركات ماسك
على الرغم من عدم اليقين السياسي، يواصل المستثمرون الصينيون البحث عن طرق لاستثمار رؤوس أموالهم في مشاريع ماسك، مستفيدين من الفرص الاستثمارية الواعدة. ومع استمرار التوترات بين واشنطن وبكين، تبقى هذه الاستثمارات محاطة بمخاطر تنظيمية وسياسية قد تؤثر على طبيعة الصفقات مستقبلاً.