الأخبار الدولية

مسؤول أوكراني يعبر عن تفاؤله بمحادثات جدة وكييف تقترح وقفًا جزئيًا لإطلاق النار

أعرب مسؤول أوكراني بارز عن تفاؤله إزاء سير المحادثات التي تُعقد في مدينة جدة السعودية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، في وقتٍ كشفت فيه كييف عن مقترحٍ لوقف إطلاق النار بشكل جزئي مع روسيا، بينما حثّت واشنطن الدول الأوروبية على لعب دور فاعل في تحقيق سلام دائم بين الطرفين.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أوكراني، لم تُذكر هويته، أن “المحادثات تسير بشكل جيد”، مشيرًا إلى مناقشة العديد من القضايا خلال أولى المباحثات رفيعة المستوى بين كييف وواشنطن منذ المشادة الكلامية التي وقعت بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب خلال اجتماع في البيت الأبيض الشهر الماضي.

من جانبه، وصف رئيس مكتب الرئاسة الأوكرانية أندري يرماك، الذي يترأس وفد بلاده في المباحثات، انطلاقة الحوار بـ”البنّاءة”، مشيرًا في منشور عبر منصة “تليغرام”، أرفقه بصورٍ للقاء، إلى أن “الاجتماع مع الفريق الأميركي بدأ بشكل إيجابي للغاية، ونعمل على إحلال سلام عادل ومستدام”.

دور السعودية في جهود السلام

من جهتها، أكدت وزارة الخارجية السعودية أن المحادثات بين واشنطن وكييف تأتي ضمن مساعي المملكة لحل الأزمة الأوكرانية، مستفيدةً من علاقاتها المتوازنة مع مختلف الأطراف، وسعيها الدؤوب لتعزيز الأمن والسلام الدوليين.

وأضافت الوزارة، عبر حسابها في منصة “إكس”، أن المملكة تؤمن بأهمية الالتزام بالقوانين والأعراف الدولية، معتبرةً أن الحوار هو السبيل الأنجع لحل النزاعات وتقريب وجهات النظر، بما يسهم في ترسيخ الأمن والاستقرار على المستوى الدولي.

الضمانات الأمنية محور المحادثات

وكان الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد وصل أمس الاثنين إلى مدينة جدة للقاء ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبل أن يترك المباحثات مع الأميركيين لثلاثة من كبار مساعديه.

وأعرب زيلينسكي عن أمله في أن تتركز محادثات جدة على مسألة الضمانات الأمنية وأن تسفر عن نتائج عملية، مؤكدًا التزام بلاده باتباع نهج “بناء بالكامل” في هذه المحادثات. كما شدد على أهمية الإفراج عن الأسرى الأوكرانيين المحتجزين لدى روسيا وإعادة الأطفال الأوكرانيين إلى وطنهم، باعتبارها خطوات أساسية لتعزيز الثقة في المساعي الدبلوماسية.

وقدم زيلينسكي شكره للمملكة العربية السعودية على جهودها ودورها المحوري في المنطقة والعالم، مشيرًا إلى أنه عقد اجتماعًا إيجابيًا مع ولي العهد السعودي. وكتب عبر منصاته على وسائل التواصل الاجتماعي: “كان من المهم جدًا سماع كلمات مليئة بالثقة بشأن مستقبل أوكرانيا”.

واشنطن تطالب أوروبا بلعب دور أكبر

وفي سياق متصل، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يُرافقه في المحادثات مستشار الأمن القومي مايكل والتز، “نأمل أن يكون لدينا اجتماع مثمر وأن نتمكن من مشاركة أخبار إيجابية”. وأضاف أن واشنطن تسعى للحصول على مزيد من التفاصيل بشأن موقف كييف وطبيعة التنازلات المحتملة التي قد تكون مستعدة لتقديمها.

وأكد روبيو أن الولايات المتحدة لن تستبق أي مفاوضات في هذه المرحلة، بل تركز على الاستماع إلى الطرح الأوكراني، مشيرًا إلى أن “هناك اقتراحات قد تتقدم بها أوكرانيا، وعلينا أن نفهم مدى استعدادها للمضي قدمًا نحو السلام”.

وفي رسائل وجهتها البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة إلى الدول الأوروبية، شددت واشنطن على ضرورة أن تضطلع أوروبا بدور رئيسي في تقديم الضمانات الأمنية لأوكرانيا، مؤكدة التزامها بإنهاء الحرب وتحقيق سلام دائم بين موسكو وكييف.

مقترح أوكراني لوقف إطلاق نار جزئي

وبينما تواجه كييف ضغوطًا أميركية متزايدة، من المتوقع أن تعلن في محادثات جدة تأييدها لوقفٍ جزئي لإطلاق النار. وقال مسؤول أوكراني لوكالة الصحافة الفرنسية، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، “لدينا اقتراح لوقف إطلاق النار في الجو والبحر، لأن هذين الخيارين يسهل تطبيقهما ومراقبتهما، ويمكن أن يكونا نقطة انطلاق نحو هدنة أوسع”.

ونقلت شبكة “إيه بي سي” الأميركية عن مصدر مقرب من زيلينسكي أن كييف ترغب في اختبار رد فعل موسكو على وقف إطلاق النار الجزئي، مشيرًا إلى أن الإطار الزمني لهذه الهدنة لا يزال غير واضح.

وفي تعليقه على المقترح، اعتبر الوزير الأميركي روبيو أنه “خطوة ضرورية” على طريق إنهاء النزاع، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تحقيق وقف شامل لإطلاق النار دون تقديم تنازلات من الجانبين.

وأضاف: “من الواضح أن روسيا لن تتمكن من احتلال كامل أوكرانيا، كما أنه سيكون من الصعب على كييف، خلال فترة زمنية معقولة، إجبار القوات الروسية على التراجع إلى حدود عام 2014″، في إشارة إلى احتلال موسكو لشبه جزيرة القرم.

تصعيد عسكري متزامن مع المباحثات

في الوقت الذي تجري فيه محادثات جدة، شهدت ساحة المعركة تصعيدًا عسكريًا غير مسبوق، حيث أفاد مسؤولون روس بأن 91 طائرة مسيّرة أوكرانية استهدفت موسكو، ما أسفر عن مقتل شخص واحد على الأقل وإصابة 18 آخرين، فضلاً عن اندلاع حرائق وتعطل الحركة الجوية في عدد من المطارات.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أنها أسقطت ما مجموعه 337 مسيرة أوكرانية خلال الهجمات الأخيرة، والتي يبدو أنها جاءت ردًا على سلسلة ضربات صاروخية روسية أدت إلى مقتل 14 شخصًا على الأقل قبل أيام.

ويعكس هذا التصعيد استمرار حالة التوتر العسكري بين الطرفين، رغم المساعي الدبلوماسية الجارية في جدة للوصول إلى حلول تهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى