مالي تسلّم موريتانيا رسالة رسمية وسط أزمة كهرباء خانقة

سلّم وزير الطاقة والمياه المالي، بوبكر جاني، يوم الأحد، رسالة خطية من الرئيس المالي، الجنرال آسيمي غويتا، إلى نظيره الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال لقاء جمعهما بالقصر الرئاسي في نواكشوط.
وتأتي هذه الزيارة في وقت تشهد فيه مالي أزمة حادة في قطاع الكهرباء، على الرغم من امتلاكها عدداً من السدود الحيوية التابعة لمنظمة استثمار نهر السنغال (OMVS)، من أبرزها سدود مانانتالي، غوينا، وفيلو. وتُعد موريتانيا من الأعضاء المؤسسين في المنظمة، إلى جانب السنغال وغينيا ومالي.
نقاشات حول مستقبل المنظمة والطاقة
وفي تصريح صحفي عقب اللقاء، أوضح الوزير المالي أنه، بصفته رئيساً لمجلس وزراء المنظمة، ناقش مع الرئيس غزواني عدة قضايا تتعلق بتطوير أداء المنظمة وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء. وأشار إلى أن الرئيس الموريتاني، الذي يتولى الرئاسة الدورية لقمة رؤساء دول المنظمة، وجّه بتنظيم قمة على مستوى القادة في أقرب وقت ممكن.
وتندرج هذه الزيارة ضمن جهود الحكومة المالية للبحث عن حلول مستدامة لأزمة الكهرباء المتفاقمة، والتي تعود لأسباب متعددة تشمل تراجع إنتاج سد مانانتالي بسبب ضعف الصيانة، تراكم الديون، ونقص الاستثمارات في البنية التحتية.
أزمة كهرباء متفاقمة وتبعات اقتصادية واجتماعية
تشهد مالي انقطاعات متكررة للتيار الكهربائي أثّرت بشكل مباشر على القطاعات الحيوية مثل الصحة، التعليم، والزراعة، مما أسهم في تصاعد حالة التذمر الشعبي وسط أجواء سياسية واجتماعية متوترة. وتعتمد البلاد بشكل شبه كلي على المحروقات المستوردة لتوليد الكهرباء، في ظل غياب موارد وطنية من النفط أو الغاز.
وتكشف الأرقام أن شركة الكهرباء الوطنية في مالي اشترت ما يقارب 855 مليون لتر من الوقود لتشغيل المحطات الحرارية خلال الفترة ما بين 2015 و2021، ما شكل عبئاً مالياً ثقيلاً على موازنة الدولة، التي لا تزال تدعم أسعار الكهرباء.
ورغم الجهود الاستثمارية، لم تنجح مالي في تحقيق استقرار فعّال في الشبكة الكهربائية، نتيجة ضعف البنية التحتية وسوء إدارة منشآت الطاقة الكهرومائية، إلى جانب التوترات المؤسسية بين شركة “إسكوم” وهيئة إدارة سد مانانتالي (SOGEM)، وسط شكاوى من ضعف الشفافية في القطاع.
تداعيات واسعة وسعي نحو شراكات إقليمية
امتدت تداعيات الأزمة إلى القطاعات الاقتصادية، حيث باتت الصناعات والخدمات تعتمد بشكل متزايد على مولدات الديزل، ما أدى إلى ارتفاع التكاليف وتراجع الإنتاجية. كما تأثرت الزراعة بسبب تعطل أنظمة الري، وواجهت المستشفيات والمدارس صعوبات في تشغيل المعدات الأساسية، مما انعكس سلباً على جودة الرعاية الصحية والتعليم.
في هذا السياق، تصاعدت الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإصلاح قطاع الكهرباء، في ظل تدهور الخدمات وارتفاع الأسعار.
وتسعى الحكومة المالية إلى تفعيل دور منظمة استثمار نهر السنغال كإطار إقليمي يمكن أن يساهم في تسريع إصلاحات القطاع، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بارتفاع تكاليف الوقود والاعتماد الكبير على الطاقة الحرارية. وتأمل باماكو في توسيع الشراكات داخل المنظمة، وتحديث البنية التحتية، إلى جانب تعزيز الاستثمارات في مشاريع الطاقة المتجددة، لاسيما الطاقة الشمسية التي تمتلك مالي فيها إمكانات كبيرة لا تزال غير مستغلة بالشكل الكافي.