ثقافة

ماثيو بليتزي يفجر المنطق الاستعماري من الداخل أنا المجيد رواية في هجاء الظلم

في روايته الأحدث “أنا المجيد” الصادرة عن دار “لو تريبود” الفرنسية، يستعيد الروائي الفرنسي ماثيو بليتزي شخصية “ألبرت فاندال” المعروفة باسم “بوبي البركة”، والتي تناولها في كتابه التوثيقي “زمن التماسيح” بالشراكة مع كمال خليف.

تقدم “أنا المجيد” شخصية ألبرت فاندال بأسلوب سردي متميز، حيث يظهر الرجل العجوز الذي يبلغ 130 عامًا ووزنه 140 كيلوغرامًا، في إشارة إلى فترة الاستعمار الفرنسي التي دامت 132 عامًا في الجزائر. ورغم تقدمه في السن، لا يزال يعتقد أن جرائمه وفجوره يمكن تبريرها مقارنة بالغاية التي ادعاها المستعمرون بأنهم جاؤوا لتخليص الجزائر من “الظلمات”.

ناقش بليتزي في روايته الأخيرة صورة فرنسا الاستعمارية من خلال تصويره لشخصية فاندال الجشع. يأتي هذا العمل بعد روايته “مهاجمة الأرض والشمس” التي نالت جائزة لوموند الفرنسية عام 2022، والتي كانت جزءًا من ثلاثية تاريخية تناولت فترة الاستعمار الفرنسي في الجزائر.

تدور أحداث الرواية حول ألبرت فاندال، الذي رسمه بليتزي كشخصية قاسية ومجرمة، تستغل الجزائريات وتذل أقاربهن، وترى في الجزائريين أدوات لخدمة شهواتها. هذا التصوير يعكس بعمق وحشية الاستعمار الفرنسي، حيث يتشابك الماضي الاستعماري بفترة معاصرة تعيد ذات المشاهد القاسية.

في “أنا المجيد”، يسرد بليتزي روايته بضمير المتكلم، ليقدم اعترافات فاندال، ليس كنوع من الندم، بل كتأكيد على الكذب والتبرير لما لا يمكن تبريره من جرائم الاستعمار. هذا الأسلوب يكشف عن العقلية المريضة للمستعمرين الفرنسيين وافتقارهم إلى الضمير، مما يفسر النوستالجيا الفرنسية تجاه الجزائر كمستعمرة مفقودة.

تدخل هذه الرواية ضمن مشروع بليتزي السردي الذي يهدف إلى تجريم المستعمرين الفرنسيين، ويدعمه في هذا التوجه المؤرخ بنجامين ستورا، حيث يعملان على فضح الجرائم التي ارتكبها المستعمرون، وليس فقط الجنود. هذا المشروع يواجه تحديات كبيرة، خاصة بسبب عدم انضمام الكتاب الجزائريين إليه، نتيجة تباين مفهوم الذاكرة لديهم.

ماثيو بليتزي، وهو الاسم المستعار للكاتب جيرارد مارتيال برينسو، وجد إلهامه في رواية الذاكرة بعد إصدار ثلاثة أعمال باسمه الحقيقي دون نجاح يذكر. وقد انطلق في مسيرته الأدبية المتميزة مع صدور رواية “كانت أرضنا”، التي اعتبرها النقاد شهادة ميلاد هذا الروائي الفذ.

زر الذهاب إلى الأعلى