لماذا يرفض الصومال سيطرة إثيوبيا على ميناء بربرة؟ 5 أسباب تفسر ذلك؟
بغضب شديد، سارعت الحكومة الصومالية إلى إعلان رفضها القاطع لاتفاق جارتها إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي لاستخدام ميناء بربرة على الساحل الجنوبي لخليج عدن.
ولم تكتفِ الحكومة الصومالية بإعلان رفضها واعتبار “الاتفاق لاغيا ولا أساس له من الصحة”، بل سارعت اليوم الثلاثاء إلى استدعاء سفيرها في أديس أبابا للتشاور غداة الإعلان عن الاتفاق.
وقالت الحكومة في بيان إن تصرف إثيوبيا -الذي شمل أيضا الاعتراف بأرض الصومال دولة مستقلة عندما يحين الوقت المناسب- يشكل خطرا على الاستقرار والسلام في المنطقة.
ويعتبر ميناء بربرة مرفأ أفريقيًا هامًا يقع على الساحل الجنوبي لخليج عدن عند مدخل البحر الأحمر المؤدي إلى قناة السويس. تتيح المذكرة لإثيوبيا الاستحواذ على حصة غير محددة من الميناء، بالإضافة إلى إقامة قاعدة عسكرية.
وفي محاولة لفهم الأزمة المتصاعدة بين مقديشو وأديس أبابا نحاول الإجابة عن أبرز أسئلة الحدث.
لماذا تم الإعلان عن الاتفاق الآن؟
تم توقيع الاتفاق الإثيوبي بصورة مفاجئة مع زعيم جمهورية أرض الصومال الانفصالية موسى بيهي عبدي، بعدما كانت الصومال وأرض الصومال قد اتفقتا الأسبوع الماضي على استئناف المفاوضات بينهما -بعد جهود وساطة قادتها جيبوتي- لتسوية المسائل العالقة بعد سنوات من التوتر السياسي.
وجاء الاتفاق بعد شهرين من تصريحات لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام البرلمان تحدث فيها عن الضرورة الوجودية لوصول دولته الحبيسة جغرافيا إلى المياه الدافئة مرة أخرى، وذلك عبر ميناء سيادي على ضفاف البحر الأحمر عن طريق إريتريا أو الصومال أو جيبوتي.
وأضاف آبي أحمد في كلمته يوم 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أنه مع تزايد عدد السكان في إثيوبيا لم تعد مسألة مناقشة الحصول على منفذ بحري على البحر الأحمر ترفا، وإنما هي قضية وجودية بالنسبة إلى إثيوبيا، إذ كيف لبلد يخطو حثيثا ليصل عدد سكانه إلى نحو 150 مليونا أن يعيش في “سجن الجغرافيا”؟
وقال “إن وجود إثيوبيا مرتبط بالبحر الأحمر”، مضيفا أنه إذا كنا (دول القرن الأفريقي) نعتزم العيش معا في سلام فإن علينا أن نجد طريقة للتشارك المتبادل مع بعضنا البعض بطريقة متوازنة.
لماذا يبحث آبي أحمد عن ميناء لبلاده؟
كانت إثيوبيا تتمتع منذ منتصف القرن الماضي بمنفذ بحري مستدام وسيادي على البحر الأحمر عبر ميناءي “عصب” و”مصوع” في إريتريا حتى استقلال الأخيرة عنها عام 1993، وهي تعتمد منذ ذلك التاريخ على ميناء جيبوتي منفذا وحيدا يمر من خلاله نحو 95% من تجارتها مع العالم الخارجي.
وتنظر إثيوبيا إلى منطقة القرن الأفريقي وحوض النيل والبحيرات العظمى بوصفها منطقة نفوذ إقليمي تسعى فيها إلى إبراز هيمنتها وتوسيع نفوذها لكي تصبح أحد أقطاب القارة الأفريقية، وتعتبر أن الحصول على منفذ بحري سيادي لها على البحر الأحمر إحدى أهم أدوات تحقيق هذا الهدف.
ويؤكد رضوان حسين، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء الإثيوبي، أن مذكرة التفاهم التي وقعها آبي أحمد ورئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي تمهد الطريق لإثيوبيا للتجارة البحرية في المنطقة بمنحها إمكانية الوصول إلى قاعدة عسكرية مستأجرة على البحر الأحمر.
ويضيف أن أرض الصومال ستحصل أيضا على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية المملوكة للدولة، دون أن يدلي بمزيد من التفاصيل.
وتعتمد إثيوبيا (الدولة الحبيسة) على جيبوتي المجاورة في معظم تجارتها البحرية من صادرات وواردات، ولذلك تحاول أديس أبابا من خلال الاتفاق أيضا الانضمام إلى مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي تأسس عام 2020، والذي يضم مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي والصومال من الضفة الأفريقية للبحر الأحمر، والسعودية والأردن واليمن من الجانب الآسيوي.
لماذا اعترض الصومال بشدة على الاتفاق؟
تعتبر الحكومة الصومالية أرض الصومال جزءا من الصومال بموجب الدستور الصومالي، وتعتبر هذه الاتفاقية انتهاكا فاضحا لسيادتها ووحدتها، مؤكدة أن الاتفاق لاغٍ ولا أساس قانونيا له.
ويقول الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إن “هذه الخطوة التي اتخذتها السلطات الإثيوبية ربما تجرها إلى الاستغلال بشكل خاطئ للأراضي الصومالية”، داعيا شعبه إلى الاتحاد للدفاع عن الوحدة الإقليمية للبلاد والسيادة الوطنية.
ولم تحصل أرض الصومال على اعتراف دولي واسع النطاق على الرغم من إعلانها الانفصال والحكم الذاتي عن الصومال في عام 1991.
ولم يقتصر الاعتراض على الصومال، فقد نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مطلعة قولها إن الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلي وبّخ السفير الإثيوبي لدى بلاده بسبب إخفائه تفاصيل المفاوضات مع أرض الصومال.
ماذا نعرف عن أرض الصومال؟
يقع إقليم أرض الصومال في القرن الأفريقي شمال الصومال، وتبلغ مساحة الإقليم نحو مليون و376 ألف كيلومتر مربع، وتحده من الجنوب والغرب إثيوبيا ومن الشمال جيبوتي وخليج عدن، ومن الشرق إقليم بونتلاند الصومالي، وعاصمته هرجيسا، ومناخه استوائي رطب.
يدين سكان الإقليم بالإسلام على المذهب السني، وأغلبيتهم يتبعون المذهب الشافعي، ولغتهم الصومالية، وتشكل قبيلة الإسحاق أغلبية السكان، ويقدر عددهم بـ3.5 ملايين حسب إحصائيات 2008.
بعد انهيار الحكومة المركزية في الصومال عام 1991 أعلنت أرض الصومال من جانب واحد استقلالها في 18 من مايو/أيار من العام نفسه.
ما المآلات المتوقعة للأزمة؟
فور الإعلان عن الاتفاق قال رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إننا “مصممون على الدفاع عن البلد، ولن نسمح بانتهاك أي شبر من أرضه وبحره وسمائه”.
كذلك دعت الصومال الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية ومجموعة شرق أفريقيا والهيئة الحكومية للتنمية بشرق أفريقيا (إيغاد) وغيرها من المنظمات إلى مساندة حق الصومال في الدفاع عن سيادتها وإرغام إثيوبيا على الالتزام بالقوانين الدولية، ولم تعلق السلطات الإثيوبية على المسألة في الوقت الحاضر.
ويخشى خبراء من أن تقود التحركات الإثيوبية للوصول إلى البحر الأحمر لحرب في منطقة القرن الأفريقي، خصوصا في ظل انتقادات إريتريا والصومال وجيبوتي لتصريحات آبي أحمد بأن فشل بلاده في تأمين الوصول إلى المياه الزرقاء يمكن أن يؤدي إلى صراع.