طموح إسرائيلي: تفريغ غزة من سكانها للاستيلاء على ثروات غاز شواطئها
يستعرض الكاتب تارا علامي في مقالها، الذي نُشر على موقع “موندويس” الأمريكي، التحديات الهائلة التي تواجه قطاع غزة نتيجة للهجمات المتواصلة من قبل القوات الإسرائيلية. تبدأ تحليلها بالإشارة إلى الثروات الطبيعية الهائلة في المنطقة، مثل الغاز الطبيعي الذي يملكها، مشيرة إلى أن العدوان لا يمكن فصله عن استنزاف هذه الموارد. وتسلط الضوء على الأثر الكارثي الناجم عن تدمير المباني والبنية التحتية، بالإضافة إلى فقدان الأرواح بالآلاف، وكل ذلك بهدف فرض الهجرة وترك الأرض للاحتلال.
تستعرض علامي الحالة الإنسانية المأساوية في غزة، حيث أعلنت منظمة الصحة العالمية نفاد المياه والكهرباء والوقود بعد 10 أيام فقط من بدء الهجوم، مما يؤدي إلى تدهور حاد في الظروف المعيشية. وتشير إلى تحذيرات وزارة الصحة حول إمكانية إغلاق المستشفيات نتيجة نقص الوقود، وسط هجمات وحشية. كما تسلط الضوء على تسرب أنباء حول خطط أميركية للاستفادة من حقول الغاز قبالة سواحل غزة كجزء من “خطة التنشيط الاقتصادي”.
تختم الكاتبة تحليلها بالتأكيد على أن العدوان الحالي يعد جزءًا من مساعٍ مستمرة لتطهير غزة عرقيًا، في إطار مشروع استعماري واستيطاني. وتُذكِّر بأن البعض يعتبر حقول الغاز دافعًا للعدوان الإسرائيلي، مما يبرز أهمية النظر إلى الوضع بشكل شامل لفهم تداخل العوامل المختلفة في هذه الأحداث الصعبة.
“مارين 1″ و”مارين 2”
تعتبر الكاتبة تارا علامي أن المشروع الإسرائيلي يتسم بالهدف الرامي إلى إقامة دولة استعمارية ذات طابع عرقي، وتعبِّر عن اعتقادها بأن إسرائيل تسعى جاهدة لتحقيق هذا الهدف من خلال تسويق “الغاز المسروق”، وتوقيع اتفاقيات مع الدول المجاورة بمشاركة الاتحاد الأوروبي. وتشير إلى اكتشاف “بريتش غاز” البريطانية حقول الغاز قبالة سواحل غزة قبل 25 عامًا، المعروفة اليوم بأسماء “غزة مارين 1” و”غزة مارين 2″، والتي تشكل مصدر اهتمام كبير لإسرائيل والولايات المتحدة في استغلال الثروات الطبيعية الفلسطينية.
تُضيف علامي أن الاحتلال الإسرائيلي يسيطر بشكل كامل على موارد الطاقة والمياه في قطاع غزة، مما يشوب جهود إنشاء بنية تحتية طاقوية مستقلة في القطاع بالتحديد. كما تشير إلى استفادة الاحتلال من “الغاز المسروق” وموارد المياه، في حين يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة لأزمة حادة في إمدادات الطاقة، ما يبرز التفاوت الكبير بين الفرق بين الاحتلال والسكان المحليين في مستوى الرفاهية والإمدادات الأساسية.
هيمنة إقليمية
تُشير الكاتبة تارا علامي إلى المصلحة الاستراتيجية التي تسعى إسرائيل لتحقيقها من خلال استخراج الغاز قبالة سواحل فلسطين ولبنان ومصر. تُربط علامي هذه المخططات بأهداف الاحتلال، التي تعززها اتفاقيات أوسلو وبروتوكول باريس، حيث تُشجع على التوسع الاستيطاني وتُقيِّد حقوق الفلسطينيين في الوصول إلى موارد الطاقة.
تُفرض هذه الاتفاقيات تبعية اقتصادية كاملة لصالح إسرائيل، وتُعيق إمكانية وصول الفلسطينيين إلى مواردهم الطبيعية، مما يتسبب في تراجع اقتصادي كبير ومتفاقم نتيجة للعمليات العسكرية المستمرة.
وتُوضح علامي أنه قبل فوز حماس في الانتخابات التشريعية عام 2007، كانت هناك مفاوضات “السلام” بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حيث تم التوقيع على اتفاق بقيمة 4 مليارات دولار سنويًا لشراء الغاز الفلسطيني من قبل تل أبيب ابتداءً من عام 2009. ولكن مع فوز حماس، تم تجميد هذه الاتفاقيات، في حين فرضت إسرائيل حصارًا شديدًا على غزة وخططت لغزوها، وفي الوقت نفسه كانت تجري مفاوضات مع مجموعة بريتش غاز.
وفي عام 2005، وبعد صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل واكتشاف حقل تمار عام 2009، تراجعت الحاجة لاستخراج الغاز من غزة، ولكن استمرت الخطط للاستفادة من حقول الغاز رغم فرض الحصار على القطاع.
وتُذكر الكاتبة أن لبنان، الذي يشهد نزاعًا حدوديًا مع إسرائيل منذ 2010، وقع اتفاقًا تاريخيًا في عام 2022 لترسيم الحدود بوساطة الولايات المتحدة، التي ستكون مراقبة ووسيطة في عمليات استخراج الغاز، وتشارك في مشاريع الموارد. وتشير إلى أن هذه الصفقة تقتصر على “الشركات الدولية ذات السمعة الطيبة” وتقيِّد سيطرة لبنان على جزء كبير من المنطقة المتنازع عليها.
وتشير إلى اتفاق عام 2016 بين “الكهرباء الوطنية الأردنية” وإسرائيل لمدة 15 عامًا، حيث بدأت إسرائيل في ديسمبر 2019 تصدير “الغاز المسروق” إلى الأردن من حقل ليفياثان.
تحدي النظام العالمي
تعتبر تارا علامي أن اهتمام إسرائيل بحقول الغاز قرب فلسطين يُعَدُ مثالًا واضحًا على “الإمبريالية”. وعلى الرغم من محاولات إخفاء نيات الاستيلاء على الموارد، فإن السعي لتصدير الغاز من حقل ليفياثان إلى الأسواق الأوروبية يُعَدُ جزءًا من التخطيط المشترك الذي يتم تنفيذه من قِبَل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل لفترة طويلة.
وتُشير علامي إلى أن الهجمات اليمنية على الطرق البحرية المؤدية إلى إسرائيل تشكل تهديدًا لها ولسلامة الاقتصاد العالمي. وتبرز أن كل محاولة “للسرقة” تُرافقُها جهود لحفظ حدودها “الاستعمارية”.
وتستنتج الكاتبة أن هذه الأحداث تُظهِر جزءًا من مشروع إسرائيلي يعتمد على سياسات التطهير العرقي ونزع الملكية والسيطرة الاقتصادية. وتشدد على أن تحرير فلسطين يعني نهاية هذا المشروع بكافة تفاصيله “الاستعمارية”، واستعادة الموارد البحرية الفلسطينية.
2 تعليقات