طموحات خارقة هل تمثل سياسة “أوبن إيه آي” خطرا على البشرية؟
في الآونة الأخيرة، احتلت شركة أوبن إيه آي موقعًا بارزًا في مجال التكنولوجيا، ويُعتبر منتجها الشهير “شات جي بي تي”، وهو روبوت محادثة متقدم، من بين أبرز منتجات مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي حاليًا. ومع اقتراب عقد صفقة مع شركة آبل لتضمين “شات جي بي تي” في هواتف الآيفون، تضع الشركة نفسها في موقع مميز بين أضخم الشركات في العالم، وهي مايكروسوفت وآبل، مما يتيح لها الفرصة لتعاون مع عملاء مايكروسوفت والاستفادة من مواردها الضخمة، بالإضافة إلى استفادتها من قاعدة عملاء شركة آبل ومستخدمي منتجاتها.
ما يميز شركة أوبن إيه آي حقًا هو طموحها الكبير في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، الذي يهدف إلى تطوير نظام قادر على أداء المهام بمستوى تفكير بشري أو أفضل في مختلف المجالات. لذا، من المهم أن تتبنى الشركة سياسات واضحة للأمان والسلامة لضمان تطوير هذه النماذج الخارقة بشكل آمن في المستقبل.
في يوليو الماضي، أعلنت الشركة عن تشكيل فريق بحثي جديد يعمل على تحضير الأسس لتطوير “ذكاء اصطناعي خارق”، الذي يتفوق على الذكاء البشري. وقاد إيليا سوتسكيفر، رئيس الباحثين وأحد مؤسسي الشركة، هذا الفريق بالتعاون مع جان ليكه. وكانت مهمتهم الرئيسية تركز على الإنجازات العلمية والتقنية لتوجيه أنظمة الذكاء الاصطناعي بأفضل طريقة ممكنة.
مؤخرًا، بدأت الشركة في فقدان موظفين مهتمين بضمان أمان أنظمتها الذكاء الاصطناعي، مما دفع الإدارة، بقيادة سام ألتمان، إلى حل الفريق المعني بتقديم التقييمات الطويلة الأمد لمخاطر الذكاء الاصطناعي بعد عام واحد فقط من تشكيله. وقد أعيد توجيه بعض أعضاء الفريق إلى فرق أخرى داخل الشركة.
في إطار محاولة فهم الأسباب وراء هذه الأحداث، يمكن العودة إلى شهر نوفمبر الماضي، حين حاول إيليا سوتسكيفر، بالتعاون مع مجلس الإدارة، إقالة سام ألتمان من منصبه. وقد أدت هذه المحاولة إلى موجة من الاستقالات والتهديد بالاستقالة، ولكن ألتمان عاد إلى منصبه بقوة، وفرض سيطرته على الشركة بشكل أقوى.
سياسة تعظيم المكاسب
رد فعل ألتمان على محاولة إقالته ربما يلقي بعض الضوء على طبيعة شخصيته، إذ تجلى تهديده بتصفية شركة أوبن إيه آي إذا لم يتم إعادة تعيينه في مجلس الإدارة، بالإضافة إلى جهوده الحثيثة لجلب أعضاء جدد للمجلس يدعمونه، مما يعكس إصراره على الحفاظ على السلطة وتجنب أي نوع من الرقابة أو المساءلة في المستقبل بخصوص أعماله.
هناك توصيفات لألتمان من قبل بعض الموظفين السابقين كشخص ملتوي يناقض كلامه بأفعاله، فعلى الرغم من تأكيده على أهمية السلامة، إلا أن تصرفاته تشير إلى رغبته الشديدة في التقدم بخطى سريعة في مجال تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، بغض النظر عن التكلفة.
على سبيل المثال، كان ألتمان يقوم بجولات لجمع الاستثمارات من الشرق الأوسط، خصوصًا من السعودية والإمارات، بهدف إنشاء شركة جديدة لتصنيع رقائق المعالجة المخصصة لنماذج الذكاء الاصطناعي، مما أثار قلق الموظفين المهتمين بالسلامة داخل الشركة.
التخلص من فريق مخاطر الذكاء الاصطناعي بعيد المدى يُظهر استمرارية سياسة الشركة وألتمان نحو تطوير التكنولوجيا الحديثة بأي ثمن، حيث لا يُعتبر منطقيًا منح الفريق المختص بالسلامة 20% من طاقة الحوسبة الضخمة التي تعتمد عليها الشركة في تطوير التكنولوجيا. هذا القرار قد يعكس إعادة توجيه الشركة نحو تطوير مجالات أخرى.
بعد كل هذا، يُمكن أن يُستنتج من تصرفات ألتمان والشركة أن ثقافة السلامة وأهميتها قد تراجعت داخل الشركة أمام رغبتها في النجاح والتقدم بالتكنولوجيا.