ضغوط الشحن العالمية تثير المخاوف من عودة التضخم
تواجه تجارة السلع العالمية أول صدمة لها منذ جائحة كوفيد-19 نتيجة لهجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر. ورغم عدم وجود ارتفاع ملحوظ في التضخم حتى الآن، إلا أن استمرار هذه الهجمات أو تعقيد الخدمات اللوجستية البرية قد يؤدي إلى تأثيرات ملحوظة على الأسعار.
أشار اقتصاديون في شركة نومورا المالية بقيادة جورج موران في مذكرة بحثية إلى أن الأسواق قد تقلل من خطورة ارتفاع أسعار الشحن، لكن النموذج الذي اعتمدوه يظهر ضغطاً تصاعدياً محتملاً على التضخم.
تواجه البنوك المركزية العالمية تحديات كبيرة، خاصة تلك التي بدأت أو تستعد لخفض أسعار الفائدة، في حال عودة تضخم أسعار المستهلك. لكن الجهود المكثفة التي تبذلها الصناعة البحرية لمعالجة الاختلالات قد تساعد صناع السياسات في مواجهة هذه التحديات.
بدأ الحوثيون في استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل رداً على الحرب في قطاع غزة، واتسعت دائرة الهجمات لتشمل سفناً لدول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، التي تشكل تحالفاً لوقف هجمات الحوثيين.
خطط احتياطية
أكد أسون ستار، نائب رئيس العمليات في شركة غلوب إليكتريك، على أهمية الاستعداد للاضطرابات غير المتوقعة قائلاً: “الشيء الذي تعلمته خلال العامين الماضيين هو عدم توقع الاستقرار، وعندما يكون الوضع هادئًا للغاية، تأكد من أن لديك خططا احتياطية جاهزة للتنفيذ.. عليك أن تكون أكثر تقدما في مجالك”.
سلطت ستة أشهر من الهجمات الضوء على هشاشة التجارة العالمية، ورغم أن الاضطرابات لم تصل إلى المستويات التي شوهدت خلال الوباء، إلا أن المستوردين يحذرون من أن التكاليف قد تُمرر في النهاية إلى المستهلكين. ويرى بعض الخبراء أن هذه الاضطرابات قد تدفع الإنتاج نحو نقاط البيع بشكل أكبر.
ارتفاع جديد في الأسعار
غريغ ديفيدسون، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة لالو ومقرها نيويورك، أشار إلى أن تكاليف الشحن قد ترتفع مجدداً إلى 20 ألف دولار لحاوية بطول 40 قدماً، بعد أن كانت قد وصلت إلى 21 ألف دولار في عام 2022. وأضاف أن ارتفاع تكاليف الشحن سيؤدي إلى زيادة التضخم على بعض السلع.
ظهرت بالفعل بوادر على الضغوط التسعيرية، إذ ارتفعت أسعار المنتجين في الولايات المتحدة أكثر قليلاً من المتوقع في يونيو/حزيران الماضي.
تأتي هذه الأزمة في وقت يحاول فيه تجار الجملة وتجار التجزئة في الولايات المتحدة وأوروبا زيادة المخزون استعداداً لمواسم التسوق في نهاية العام والعودة إلى المدرسة، مما يزيد من صعوبة الوضع، خاصة مع التهديد بفرض رسوم جمركية أمريكية أعلى على الواردات الصينية.
تحديات أوروبا
تشعر الشركات الأوروبية بتأثيرات كبيرة نتيجة قربها من البحر الأحمر. أصدرت شركة دي إف إس فرنتشر، وهي شركة بيع أثاث بالتجزئة في المملكة المتحدة، تحذيراً بشأن الأرباح الشهر الماضي، مشيرة إلى أن الاضطرابات في البحر الأحمر أدت إلى زيادة تكاليف الشحن وتأخر التسليم.
فريدريك دالبورغ، رئيس شركة “أد لايف إيه بي” ومقرها ستوكهولم، أشار إلى أن شركته تعمل مع الموردين للتعامل مع التراكم الكبير في الأعمال، وتقوم بمراكمة مخزونات احتياطية في بعض الحالات. ومع ذلك، هناك دلائل تشير إلى أن أزمة الشحن الأخيرة قد تكون قريبة من الذروة.