ثقافة

شقير للجزيرة نت: القدس تشهد تطورا في الإنتاج الأدبي رغم محاولات الأسرلة

القدس المحتلة – حصل الكاتب المقدسي محمود شقير على “جائزة فلسطين العالمية للآداب”، ليصبح ثالث كاتب يفوز بها منذ تأسيسها، بعد منحها للأديبة والشاعرة سلمى خضراء الجيوسي عام 2019، والشاعر والروائي إبراهيم نصر الله عام 2021.

أجرت الجزيرة نت لقاءً خاصًا مع الأديب محمود شقير في منزله ببلدة جبل المكبر جنوب القدس، حيث أعرب عن ألمه إزاء حرب الإبادة التي تُرتكب في غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تناول الحوار أيضًا استهداف سلطات الاحتلال الإسرائيلية للمثقفين والمفكرين في القدس منذ احتلال شرق المدينة عام 1967، والجهود التي بذلها شقير ورفاقه المعلمين لحماية المناهج التدريسية في المدينة المحتلة.

وفيما يلي نص الحوار:

بداية، حدثنا عن نشأتك، أستاذ محمود شقير.

ولدتُ في بلدة جبل المكبر على تخوم القدس عام 1941، وعشت طوال حياتي في ظل المأساة الفلسطينية. قبل كارثة النكبة عام 1948، كنت أعيش معاناة الهجرة الصهيونية. عندما هجمت العصابات الصهيونية على جبل المكبر عام 1948، اضطررنا لمغادرة منزلنا تحت إطلاق النار الكثيف، وأقمنا مؤقتًا في الجزء الشرقي من القرية.

حدثنا عن مسيرتك الأكاديمية.

درست المرحلة الابتدائية في مدرسة السواحرة الغربية، والمرحلتين الإعدادية والثانوية في المدرسة الرشيدية بالقدس. حصلت على شهادة الثانوية العامة الفلسطينية (التوجيهي) من المدرسة الإبراهيمية، ثم انتسبت إلى جامعة دمشق لدراسة الفلسفة والعلوم الاجتماعية، وتخرجت بشهادة “ليسانس” عام 1965.

ماذا عن أبرز وظائفك؟

عملت مدرسًا في مدارس القدس وعدد من قرى الريف الفلسطيني، قبل أن أعتقل لأول مرة عام 1969 بتهمة النشاط السياسي ضد الاحتلال، مما أدى إلى فصلي من التدريس بالقدس. انتقلت بعدها إلى التعليم في المعهد العربي ببلدة أبو ديس، ولاحقًا في دار الأيتام. في عام 1974، اعتقلت مرة أخرى لمدة 10 أشهر إداريا، ثم أبعدت إلى لبنان، ثم الأردن حيث عشت 14 عامًا. عملت في مجلة قضايا السلم والاشتراكية في براغ، وعادت إلى الأردن بعد سقوط النظام الاشتراكي.

في عام 1993، عادت إلى القدس وعملت في الصحافة، بدايةً كمحرر في جريدة “الطليعة” الأسبوعية، ثم رئيس تحريرها.

كيف كانت مساهماتك في مواجهة محاولات “أسرلة التعليم” في القدس؟

بعد نكسة 1967، أسسنا اتحادًا سريًا للمعلمين، ونظمنا إضرابًا لمدة شهرين رفضًا للأسرلة. عندما بدأت سلطات الاحتلال بالعبث بالمناهج، جمعنا المواد المحذوفة ورفعناها إلى الهيئات العربية والدولية، واستمر نضالنا لسنوات طويلة.

متى بدأت الكتابة؟ وماذا كتبت؟

بدأت الكتابة عام 1961 بالخواطر والقصص القصيرة، ونشرت أول قصة في مجلة “الأفق الجديد” المقدسية عام 1962. بعد نكسة 1967، توقفت لفترة عن الكتابة، ثم عدت إليها في 1975 أثناء إبعادي إلى بيروت، حيث كتبت القصص القصيرة وقصص الأطفال. منذ ذلك الحين وأنا مواظب على الكتابة للكبار والصغار، فكتبت الروايات والقصص والمسلسلات التلفزيونية والمسرحيات والمقالات النقدية والسياسية.

ما قيمة حصولك على جائزة فلسطين العالمية للآداب؟

تأتي هذه الجائزة في وقت حساس جدًا، حيث يسعى الاحتلال لإنهاء القضية الفلسطينية. هذه الجائزة، التي تهدف لنشر الوعي بالقضية الفلسطينية من خلال الأدب، تعزز التضامن العالمي مع شعبنا. تبرعت بقيمة الجائزة لمؤسسة الجائزة لدعم الكُتاب الآخرين.

كيف تقيّم الإنتاج الثقافي والأدبي في القدس؟

نشهد تطورًا في الإنتاج الأدبي بمدينة القدس، مع وجود كتاب وكتابات منتشرة في الوطن العربي من خلال معارض الكتب. ندوة “اليوم السابع” تعقد أسبوعيًا، وقد اكتسبت بُعدًا عربيًا أثناء جائحة كورونا بفضل منصة “زوم”.

كيف تصف استهداف الاحتلال لمثقفي القدس؟

الاحتلال قيد حرية الرأي في البداية، لكن مع اشتداد النضال الفلسطيني، أصبحت القبضة أخف. رغم ذلك، تظل الممارسات السلبية موجودة، بما في ذلك تقييد دخول الكتب المتعلقة بفلسطين.

كيف استطعت الصمود في القدس رغم كل الصعوبات؟

عدت إلى القدس عام 1993 بعد 18 عامًا من الإبعاد، وواصلت نشاطي الثقافي من خلال ندوة “اليوم السابع” وعلاقاتي مع دور النشر.

هل تم استغلال شبكات التواصل الاجتماعي للوصول إلى القارئ؟

مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت جزءًا من المشهد الثقافي، لكنني أؤمن أن الكتاب الورقي يظل أساسيًا وضروريًا.

كيف أثرت الحرب على غزة على كتاباتك؟

واصلت الكتابة خلال الحرب، وأضفت لمسات على روايتي “منزل الذكريات”. كتبت أيضًا رواية لفئة الفتيان بعنوان “رنين الأسماء”. أكتب الآن نصوصًا قصيرة تعبر عن مأساة غزة وسأنشرها قريبًا.

هل لك حفيدة في غزة؟

نعم، لي حفيدة ثقافية تدعى أصيل سلامة تعيش في قطاع غزة. أتابع معاناتها وأكتب عنها، وسأصدر كتابًا يجمع النصوص الأدبية عنها.

حدثنا عن أعمال الحركة الأسيرة الأدبية التي أشرفت عليها.

حررت أكثر من 12 كتابًا لعدد من الأسرى، وأسهمت في تعزيز النشاط الثقافي داخل السجون من خلال تصحيح وتحرير النصوص.

في الختام، كيف ترى مستقبل الأدب الفلسطيني في ظل الاحتلال؟

رغم التحديات، أرى تطورًا ونضجًا في الأدب الفلسطيني، مع استمرار الكتاب والمثقفين في نشر أعمالهم والتعبير عن قضيتهم، مما يعزز الوعي العالمي بنضال الشعب الفلسطيني.

زر الذهاب إلى الأعلى