تقنية

شركة “كورنينغ” وابتكاراتها التي غيرت عالم التقنية

على مدار السنوات الماضية، أصبحت طبقات حماية الشاشة التي تنتجها شركة “كورنينغ” جزءًا أساسيًا في كل هاتف محمول، سواء كان من الفئة الاقتصادية مثل هواتف “شاومي” الصينية، أو من الهواتف الرائدة مثل “آيفون” و”غالاكسي فولد”. وعلى الرغم من هذه الشعبية الواسعة، يجهل الكثير من المستخدمين تاريخ هذه الشركة التي تمتد جذورها لأكثر من 170 عامًا، والتي كان لها دور محوري في تطور التكنولوجيا التي نستخدمها اليوم، من المصابيح الكهربائية التي ابتكرها توماس إديسون إلى شاشات الهواتف الحديثة.

من بدايات متواضعة إلى عملاق صناعة الزجاج

تأسست شركة “كورنينغ” في عام 1851 تحت اسم “شركة باي ستيت للزجاج” في سكرانتون بولاية بنسلفانيا على يد أموري هوتون الأب، لتنتقل لاحقًا إلى مدينة كورنينغ وتغيير اسمها إلى “كورنينغ”. ورغم أن الزجاج كان مادة مألوفة في تلك الحقبة، إلا أن هوتون آمن بأهمية هذه المادة في المستقبل، ما جعله يركز بشكل كبير على دراستها وتطويرها. في عام 1879، التقى هوتون بالشاب توماس إديسون الذي طلب منه ابتكار زجاج قوي وقادر على تحمل الحرارة والصدمات، ليكون الزجاج المستخدم في المصابيح الكهربائية التي غيرت وجه العالم.

ابتكارات عبر الأجيال

لم تقتصر ابتكارات “كورنينغ” على الزجاج فقط، بل طالت مجالات متعددة. في أوائل القرن العشرين، تعاونت مع رابطة إشارات السكك الحديدية لتطوير زجاج “سي إن إكس”، كما دخلت في شراكة مع مصنعي أجهزة التلفاز لتصنيع أنابيب الكاثود التي كانت جزءًا أساسيًا في أجهزة التلفاز القديمة. وبحلول عام 1960، أصبحت “كورنينغ” الشركة الرائدة في صناعة هذه الأنابيب.

كما أن الشركة قدمت في عام 1915 أواني المطبخ الزجاجية “بيركس” التي أصبحت علامة مميزة في عالم الطهي، وأسست شركات منفصلة عن “كورنينغ” لتوسيع هذه المنتجات. وفي التسعينيات، قامت “كورنينغ” بتوسيع نشاطاتها إلى قطاع الألياف الضوئية، حيث ساهمت في توفير الإنترنت بسرعات عالية، وهو ما ساعد على تعزيز أرباحها قبل أن تتعرض لانتكاسة كبيرة بعد انفجار فقاعة الإنترنت في أوائل القرن الـ21.

العودة إلى القمة

رغم التحديات التي واجهتها الشركة في بداية الألفية، إلا أن “كورنينغ” استعادت عافيتها تحت قيادة الرئيس التنفيذي ويندل ويكس، الذي تبنى فلسفة هوتون في دعم الابتكارات غير التقليدية. وفي عام 2007، حققت الشركة نجاحًا جديدًا حين تعاونت مع ستيف جوبز لتطوير زجاج “غوريلا” المستخدم في شاشات الهواتف الذكية مثل “آيفون”، ما أحدث تحولًا كبيرًا في صناعة الهواتف المحمولة.

تطلعات المستقبل

اليوم، تسعى “كورنينغ” إلى إطلاق الجيل الجديد من الألياف الضوئية، التي ستكون مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما يعزز من سرعات الإنترنت ويوصل خدماته إلى مناطق جديدة لم تكن مدعومة سابقًا. وبذلك، تواصل “كورنينغ” مسيرتها الرائدة في عالم الابتكارات التقنية، مكرسة فلسفة هوتون في الاستثمار بالأفكار التي قد تبدو “مجنونة”، لتظل على مر الأجيال جزءًا أساسيًا من التكنولوجيا الحديثة.

زر الذهاب إلى الأعلى