سوريا تتبنى نهجًا اقتصاديًا جديدًا لتعزيز التعاون مع تركيا بعد تغيير القيادة

أفادت وكالة الأناضول أن الإدارة السورية الجديدة، التي تولت السلطة بعد نهاية 53 عامًا من حكم عائلة الأسد في ديسمبر 2024، تسعى إلى تبني نهج اقتصادي جديد يهدف إلى تعزيز التعاون التجاري مع تركيا، خاصة في مجالات إعادة الإعمار، التجارة، والاستثمار.
في هذا السياق، أشارت وزارة التجارة التركية إلى أن سوريا بدأت تطبيق نظام جمركي جديد اعتبارًا من 11 يناير 2025، حيث تم تعديل 6302 تعرفة جمركية تشمل الحدود السورية مع تركيا، الأردن، لبنان، والعراق.
وأوضح وزير التجارة التركي، عمر بولاط، أن هذه التعديلات تهدف إلى تحقيق إيرادات لتغطية النفقات العامة، مشيرًا إلى أن هذه التعديلات لم تكن موجهة بشكل خاص ضد المنتجات التركية.
خفض الرسوم الجمركية على المنتجات التركية
وبحسب صحيفة ديلي صباح ووكالة الأناضول، قررت الحكومة السورية خفض الرسوم الجمركية على 269 منتجًا تركيًا، وذلك بعد مشاورات بين وزارتي التجارة التركية والسورية.
وتشمل المنتجات المعنية البيض، الطحين، الذرة، الحليب، القشدة، منتجات الحديد والصلب، والمواد الصحية، وهي سلع أساسية لقطاعي الغذاء والبناء في سوريا.
وأشار بولاط إلى أن هذه التخفيضات جاءت استجابة لتحذيرات من الجانب التركي، التي أكدت أن الزيادة في الرسوم الجمركية على السلع الأساسية قد تؤدي إلى ارتفاع التضخم داخل سوريا، مما دفع الحكومة السورية إلى تعديل سياستها الاقتصادية.
إعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة
وأضافت وكالة الأناضول أن سوريا وتركيا بدأتا مناقشات لإعادة تفعيل اتفاقية التجارة الحرة الموقعة في عام 2007، والتي تم تعليقها بعد اندلاع الحرب في سوريا عام 2011.
وأكد بولاط أن الجانبين توصلا إلى تفاهم إيجابي بشأن إعادة العمل بهذه الاتفاقية على نطاق أوسع، مما سيسهم في تعزيز تدفق السلع والخدمات بين البلدين.
زيادة ملحوظة في التجارة الثنائية
بحسب بيانات وكالة الأناضول، شهد التبادل التجاري بين تركيا وسوريا انتعاشًا ملحوظًا بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. فقد بلغت صادرات تركيا إلى سوريا في عام 2024 نحو 2.2 مليار دولار، بينما سجلت الواردات من سوريا 450 مليون دولار قبل انهيار النظام في ديسمبر الماضي.
وفي الفترة بين 1 و25 يناير 2025، بلغت قيمة الصادرات التركية إلى شمال سوريا 219 مليون دولار، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 35.5% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، حيث كانت 161 مليون دولار.
الآمال في زيادة التبادل التجاري
ووفقًا لصحيفة ديلي صباح، تسعى تركيا وسوريا إلى رفع حجم التبادل التجاري إلى 10 مليارات دولار في المستقبل القريب، خاصة بعد انطلاق مشاريع إعادة الإعمار في سوريا بعد انتهاء الحرب التي استمرت 13 عامًا.
وقد بلغت قيمة التجارة الثنائية بين البلدين في 2010 حوالي 2.3 مليار دولار، إلا أنها تراجعت إلى 565 مليون دولار في 2012 بسبب اندلاع الحرب، وفقًا للبيانات الصادرة عن معهد الإحصاء التركي (تركستات).
فرص لتعزيز الاستقرار الإقليمي
على الرغم من تحسن الأرقام في السنوات الأخيرة، إلا أن التجارة لم تعود إلى مستويات ما قبل 2011 حتى الآن. وتركيا ترى في هذه التغيرات الاقتصادية فرصة لتعزيز الاستقرار الإقليمي، حيث تسعى إلى دعم إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية في سوريا، مما سيكون له تأثير إيجابي على مصالح الجانبين.
ومن المتوقع أن تواصل أنقرة ودمشق مشاوراتهما الاقتصادية في الأشهر المقبلة، مع إمكانية عقد زيارات متبادلة بين المسؤولين بمجرد استقرار المؤسسات الحكومية السورية، كما أكد بولاط في تصريحاته الأخيرة.