رحلة فيكتور آن: توثيق الشتات الكوري في آسيا الوسطى بين التاريخ والهوية
في أرجاء غرفة المعيشة الخاصة به، والمزينة بخزائن وأدراج خشبية تمتد على طول الجدران، يغوص فيكتور آن (77 عامًا) في ذاكرة التاريخ. تقع شقته المتواضعة على بعد خطوات قليلة من مبنى يعود للحقبة السوفياتية في ضاحية خضراء من طشقند، وتحتوي على أرشيف فوضوي يروي عمله الدؤوب في تصوير الشتات الكوري في آسيا الوسطى، المعروف باسم “كوريو سارام”.
وُلد والدا فيكتور في إقليم بريمورسكي في أقصى شرق سيبيريا، وهو جزء من الاتحاد السوفياتي السابق، حيث هاجر العديد من الكوريين من شمال شبه الجزيرة الكورية منذ أواخر القرن التاسع عشر. ومع ذلك، فإن جيل والديه كان آخر جيل شهد تلك الهجرة، ليبدأوا رحلة جديدة مختلفة.
في عام 1937، ومع تصاعد الكراهية للأجانب والشكوك حول الكوريين بأنهم قد يتجسسون لصالح اليابان، أصدر جوزيف ستالين مرسومًا بترحيل نحو 172 ألف كوري إلى جمهوريتي كازاخستان وأوزبكستان السوفياتيتين.
وُلد فيكتور في أوزبكستان بعد حوالي عقد من الزمان، وتخصص في الهندسة الهيدروليكية قبل أن يتنقل بين عدة وظائف، منها ميكانيكي وفني راديو وسينما، ثم أصبح لاحقًا مزارعًا. ولكنه لم يبدأ مسيرته كمصور إلا في الثلاثينيات من عمره، عندما دعته صحيفة “لينين كيتشي” الناطقة بالكورية، والتي كانت تصدر من ألماتي في كازاخستان.
على مدى العقود اللاحقة، سافر فيكتور عبر آسيا الوسطى، موثقًا حياة السكان الكوريين، من الحصاد إلى الأعياد والحفلات الشعبية.
في شقته، يظهر فيكتور بوجه مبتسم ولحية بيضاء كثيفة وهو يتجول بين أكوام من الأوراق والصحف القديمة، مشيرًا إلى صورة لوالديه على الجدار. ويعرض بفخر أعماله التي التقطت لحظات نادرة من الحياة اليومية للكوريين، مثل صورة لرجلين يضربان حوضًا من الأرز لصنع كعكة الأرز الكورية.
بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، أُعيد تسمية صحيفته إلى “كوريو إلبو”، وبدأت في نشر القصص باللغة الروسية بجانب الكورية، مما يعكس استيعاب الجيل الجديد من “كوريو سارام” للثقافة الروسية وفقدان الكثيرين منهم لغتهم الأصلية.
في العقود الأخيرة، تحول فيكتور إلى مصور فني مرموق، عارض أعماله في كوريا الجنوبية وأوروبا. ويعزو جزءًا من تحوله المهني إلى الإصلاحات الليبرالية التي قادها غورباتشوف في الثمانينيات، والتي فتحت المجال للحريات الفردية وانتقاد الحكومة.
اليوم، يعيش حوالي 500 ألف “كوريو سارام” في ما كان يُعرف بالاتحاد السوفياتي، لكن التقاليد القديمة بدأت في الاندثار مع تراجع استخدام اللغة الكورية لصالح الروسية. ومع ذلك، تشهد الثقافة الكورية نهضة جديدة عبر “الموجة الكورية”، وهي ظاهرة عالمية تعزز انتشار الثقافة الشعبية الكورية الجنوبية.