الصحة

دراسة يابانية تكشف دور الخلايا النجمية في تشكيل الذاكرة وتخزين الذكريات الطويلة

توصل باحثون من جامعة توهوكو اليابانية إلى أن عملية اختيار الذاكرة تعتمد جزئياً على نوع من الخلايا العصبية تُسمى الخلايا النجمية. ووفقاً لدراسة نُشرت في مجلة “جليا” في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، فإن تغيير درجة الحموضة حول الخلايا النجمية لم يؤثر على الذاكرة قصيرة المدى، لكنه ساهم في نسيان الذكريات على المدى الطويل.

كيف تختار الذاكرة الذكريات التي تبقى؟

يُعد الدماغ البشري من أقوى الأجهزة في تخزين المعلومات وتحويلها إلى ذكريات، مما يساعدنا في التعلم من تجاربنا وأخطائنا. بينما تظل بعض الذكريات حية، تُنسى أخرى. يعتمد الإنسان والحيوان على الطبيعة المتكررة للأحداث لتخزين العلاقات بين تلك الأحداث على شكل ذكريات.

يُعتقد عموماً أن تكوين الذاكرة يحدث في مراحل متتالية، حيث تتحول الذكريات قصيرة المدى تدريجياً إلى طويلة المدى. لكن هذا البحث يفتح باباً جديداً لفهم كيفية تشكيل الذاكرة، حيث يُحتمل أن تحدث عمليات الخلايا النجمية بشكل متوازي للذاكرة قصيرة وطويلة المدى، في ذات اللحظة.

التلاعب بالخلايا النجمية

استخدم العلماء تقنية “البصريات الوراثية” للتلاعب بالخلايا النجمية عن طريق تسليط الضوء عليها باستخدام ألياف ضوئية داخل أدمغة الفئران. ساعد هذا في تحفيز الخلايا النجمية مباشرة وتحويلها إلى حالة حمضية أو قاعدية في منطقة اللوزة الدماغية، وهي منطقة رئيسية في الدماغ متعلقة بالعواطف والخوف.

عندما تعرضت الفئران لصدمة كهربائية خفيفة في غرفة التجارب، وأُعيدت إلى نفس الغرفة لاحقاً، تذكرت الفئران الصدمة وتفاعلت بالخوف الطبيعي. ولكن الفئران التي تم تعديل خلاياها النجمية لتصبح حمضية بعد الصدمة فقدت تلك الذكرى بحلول اليوم التالي، ما يوضح أن تحويل الخلايا النجمية إلى حمضية لا يؤثر على الذاكرة قصيرة المدى فحسب، بل يمنع تخزين الذكريات على المدى الطويل.

تثبيت الذكريات

في المقابل، أظهرت الفئران التي تم تعديل خلاياها النجمية لتصبح قاعدية بعد الصدمة استجابة خوف قوية حتى بعد ثلاثة أسابيع. ما يشير إلى أن الخلايا النجمية تلعب دوراً رئيسياً في تحديد ما إذا كانت الذكريات ستظل حية أو ستُمحى، خصوصاً بعد وقوع أحداث صادمة.

ورغم الاعتقاد السائد بأن الذكريات تتحول من قصيرة إلى طويلة المدى تدريجياً، تشير هذه الدراسة إلى أن الذاكرة قد تُحفظ كذكريات قصيرة وطويلة المدى في وقت واحد.

ما الجديد في هذا البحث؟

يقول البروفيسور كو ماتسوي، الذي قاد الدراسة: “نعتقد أن هذا الاكتشاف سيغير فهمنا لكيفية تشكيل الذاكرة”. كما أضاف الباحث المشارك هيروكي ياماو أن الخلايا النجمية قد تكون المفتاح لفهم تأثير العواطف على تكوين الذاكرة. ويهدف الباحثون الآن إلى فهم الآليات التي تنظم الخلايا النجمية للذاكرة العاطفية، وهو ما قد يؤدي إلى تطوير علاجات تساعد في منع تكوين الذكريات المؤلمة، وبالتالي فتح أبواب علاجية جديدة لاضطرابات مثل اضطراب ما بعد الصدمة.

زر الذهاب إلى الأعلى