دراسة تكشف دور هرمونات التوتر في تطور مرض السكري المرتبط بالسمنة
كشفت دراسة أجرتها مؤسسة روتجرز هيلث ومؤسسات أخرى في الولايات المتحدة أن هرمونات التوتر قد تكون العامل الرئيسي في تطور مرض السكري المرتبط بالسمنة. وقد تغيرت الفهم التقليدي حول تطور مقاومة الإنسولين الناجمة عن السمنة وطرق معالجتها، وذلك بفضل الورقة البحثية المنشورة في مجلة “سيل ميتابوليزم” في 21 أكتوبر 2023.
مقاومة الإنسولين وآلية تأثيرها الإنسولين هو هرمون يفرزه البنكرياس ويساعد في دخول الغلوكوز (سكر الدم) إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة. بعد تناول الطعام، يرتفع مستوى الغلوكوز في الدم، مما يحفز البنكرياس على إفراز الإنسولين، الذي يسهل دخول الغلوكوز إلى الخلايا ويعيد مستويات السكر في الدم إلى طبيعتها. ولكن في حالة مقاومة الإنسولين، لا تستجيب الخلايا بشكل جيد للإنسولين، مما يؤدي إلى استمرار ارتفاع مستوى السكر في الدم بسبب عدم قدرة الغلوكوز على دخول الخلايا.
دور هرمونات التوتر في تطور مقاومة الإنسولين لطالما اعتقد العلماء أن السمنة تؤدي إلى مرض السكري عبر تعطيل إشارات الإنسولين في خلايا الكبد والدهون. لكن الدراسة الجديدة تشير إلى أن الإفراط في تناول الطعام والسمنة يساهمان في زيادة نشاط الجهاز العصبي الودي المسؤول عن استجابة “القتال أو الهروب”. هذا النشاط المفرط يرفع مستويات هرمونات التوتر “نورإبينفرين” و”إيبينفرين”، التي تعاكس تأثيرات الإنسولين رغم أن إشارات الإنسولين الخلوية تظل سليمة.
تأثير الطعام الزائد على هرمونات التوتر وجد الباحثون أن تناول الطعام الزائد يحفز زيادة سريعة في هرمون “نورإبينفرين” لدى الفئران، ما يشير إلى مدى تأثير الإفراط في الطعام على الجهاز العصبي الودي. لاختبار تأثير هذا الإنتاج الزائد من الهرمونات على تطور الأمراض الأيضية، استخدم الباحثون نوعًا جديدًا من الفئران المعدلة وراثيًا التي لا تستطيع إنتاج هرمونات التوتر إلا في أدمغتها والأجهزة العصبية المركزية. رغم أن هذه الفئران تناولت نفس الكمية من الطعام وازداد وزنها بشكل مماثل للفئران العادية، إلا أنها لم تُصاب بالأمراض الأيضية مثل السكري.
تفسير الاختلافات الفردية في الإصابة بالسكري تشير هذه النتائج إلى أن السبب وراء إصابة بعض الأفراد ذوي الوزن الزائد بمرض السكري بينما لا يصاب به آخرون قد يكون مرتبطًا بالتوتر وتأثيره على تطور المرض. كما توضح الدراسة كيف يمكن أن يؤدي التوتر إلى تفاقم مرض السكري حتى في حالة زيادة الوزن بشكل طفيف.
التوتر والسمنة: آلية مشتركة في تطور السكري يقول الدكتور كريستوف بويتنر، رئيس قسم الغدد الصماء والأيض والتغذية في كلية روبرت وود جونسون الطبية بجامعة روتجرز: “إن اكتشافنا أن السمنة تؤدي إلى الأمراض الأيضية بشكل أساسي عبر زيادة هرمونات التوتر يوفر رؤية جديدة حول السبب المشترك وراء هذه العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بمرض السكري”. في الواقع، يعمل كل من التوتر والسمنة عبر آلية واحدة للتسبب في مرض السكري، وهي زيادة هرمونات التوتر.
التوتر يعاكس تأثير الإنسولين تعزز هرمونات التوتر من مستوى الغلوكوز والدهون في الدم، في حين يعمل الإنسولين على خفض هذه المستويات. الدراسة الجديدة تكشف أن رغم أن إشارات الإنسولين قد تظل سليمة في حالات مقاومة الإنسولين المرتبطة بالسمنة، فإن النشاط الزائد لهرمونات التوتر يؤدي إلى تفوق تأثيراتها على وظيفة الإنسولين، مما يتسبب في ارتفاع مستويات السكر في الدم.