دراسة أميركية: الجرعات العالية من حمض الفوليك آمنة خلال الحمل وتُعزز القدرات الذهنية للأطفال

كشفت دراسة علمية حديثة أن تناول جرعات مرتفعة من حمض الفوليك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل لا يشكل أي مخاطر صحية على الأم أو الجنين، بل قد يسهم في تحسين المهارات اللفظية والسلوكية للأطفال عند بلوغهم سن السادسة. وتناقض هذه النتائج ما أشارت إليه دراسات سابقة حذرت من مخاطر الجرعات العالية من هذا الفيتامين أثناء الحمل.
أُجريت الدراسة من قبل باحثين من جامعة ستانفورد، والمعهد الوطني للاضطرابات العصبية والسكتة الدماغية، ومعهد “يونيس كينيدي شرايفر” الوطني لصحة الطفل والتنمية البشرية. ومن المقرر أن تُعرض نتائجها في الاجتماع السنوي الـ77 للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، الذي سيعقد في أبريل/نيسان القادم بمدينة سان دييغو وعبر الإنترنت، بحسب ما نشره موقع “يوريك أليرت”.
نتائج مطمئنة للأمهات
أظهرت الدراسة أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم مكملات حمض الفوليك في الثلث الأول من الحمل، سجلوا نتائج أعلى في اختبارات المهارات اللغوية والسلوكية، مقارنة بأقرانهم الذين لم تحصل أمهاتهم على المكمل. كما لم ترصد الدراسة أي تأثيرات سلبية مرتبطة بتناول جرعات مرتفعة، مما يوفّر طمأنينة إضافية للنساء الحوامل بشأن سلامة استخدامه عند الحاجة.
حمض الفوليك.. أهمية غذائية ومكمل ضروري
حمض الفوليك، أو الفولات، هو أحد أشكال فيتامين (ب) ويوجد بشكل طبيعي في الخضراوات الورقية، الفواكه، والبقوليات. إلا أن هذه المصادر قد لا توفر الكمية الكافية للحوامل، ما يدفع إلى اللجوء للمكملات الغذائية لتلبية احتياجات الجسم أثناء الحمل.
وتوصي الجهات الصحية بتناول 0.4 مليغرام يوميًا من حمض الفوليك بدءًا من مرحلة التخطيط للحمل وحتى الأسابيع الأولى منه، نظرًا لدوره الأساسي في تقليل خطر التشوهات الخلقية في الجهاز العصبي للجنين. وقد تُوصى جرعات أعلى في حالات معينة، مثل وجود تاريخ عائلي للعيوب الخلقية أو إصابة الأم بالصرع، مع ضرورة تقييم كل حالة على حدة.
آراء الباحثين: جرعات مرتفعة آمنة وتدعم نمو الدماغ
قال الدكتور كيمفورد ميدور، الباحث الرئيسي والأستاذ بقسم الأعصاب والعلوم العصبية في جامعة ستانفورد، إن دراستهم تدعم الفرضية القائلة إن حمض الفوليك لا يقتصر فقط على الوقاية من التشوهات الخلقية، بل يلعب دورًا فاعلًا في دعم تطور الدماغ والوظائف المعرفية لدى الأطفال. وأضاف: “لم نجد أي دلائل على وجود آثار سلبية للجرعات العالية، وهو ما يدعم إمكانية استخدامها بأمان في مراحل الحمل الأولى”.
منهجية الدراسة ومجموعات الأطفال
شملت الدراسة 345 طفلاً يبلغون من العمر 6 سنوات، بينهم 262 طفلاً لأمهات مصابات بالصرع و83 طفلاً لأمهات غير مصابات. تم تصنيف الأطفال إلى خمس مجموعات بحسب كمية حمض الفوليك التي تلقتها أمهاتهم خلال أول 12 أسبوعًا من الحمل، وهي:
- أطفال لم تتناول أمهاتهم حمض الفوليك.
- أطفال تناولت أمهاتهم 0.4 مليغرام يوميًا أو أقل.
- أطفال تناولت أمهاتهم ما بين 0.4 إلى 1.0 مليغرام يوميًا.
- أطفال تناولت أمهاتهم ما بين 1.0 إلى 4.0 مليغرامات يوميًا.
- أطفال تناولت أمهاتهم أكثر من 4.0 مليغرامات يوميًا.
خضع الأطفال لاختبارات لغوية وسلوكية، بالإضافة إلى استبيانات قُدمت لآبائهم لتقييم مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي والقدرة على أداء المهام اليومية.
نتائج تحليلية مشجعة
بيّنت النتائج أن الأطفال الذين تلقت أمهاتهم مكملات حمض الفوليك حققوا أداءً أفضل في المهارات اللفظية والسلوكية مقارنة بأقرانهم، دون فروق كبيرة بين مستويات الجرعات، ما يشير إلى أن الجرعات العالية لم تُظهر تأثيرات سلبية على نموهم العصبي.ورغم هذه النتائج الإيجابية، شدد الدكتور ميدور على ضرورة مواصلة الأبحاث لتحديد الجرعة المثلى التي تحقق أعلى فائدة بأقل قدر من المخاطر، مؤكدًا أن القرار النهائي بشأن كمية حمض الفوليك يجب أن يُتخذ بالتشاور مع الطبيب المختص.