الصحة

دراسة أمريكية تكشف تأثير الفوضى البصرية على تدفق المعلومات في الدماغ

أظهرت دراسة أمريكية حديثة أن الفوضى البصرية في مجال رؤيتنا تؤثر بشكل ملحوظ على كيفية تدفق المعلومات في الدماغ. أُجريت هذه الدراسة بواسطة باحثين من جامعة ييل في الولايات المتحدة، ونُشرت في 22 أكتوبر 2024 في مجلة “نيورون” (Neuron)، وفقاً لما أوردته منصة “يوريك ألرت” (EurekAlert).

ما هي الفوضى البصرية؟
الفوضى البصرية تشير إلى العناصر التي تحيط بنقطة تركيزنا في مجال الرؤية. فعلى سبيل المثال، عندما نقرأ كتاباً أو نراقب شخصاً ما، لا تقتصر رؤيتنا على الشيء الذي نركز عليه فقط؛ بل تشمل أيضاً المحيط الذي يحيط بهذا الشيء. وفقاً لمجلة “الاتجاهات في العلوم المعرفية”، يُعرف الازدحام البصري على أنه صعوبة تمييز الأشياء وسط الفوضى، ما يمثل تحدياً كبيراً في الإدراك البصري الواعي.

الفوضى البصرية والإدراك العصبي
تساهم نتائج الدراسة في توضيح الأسس العصبية للإدراك البصري، وتُقدم فهماً أعمق لدور القشرة البصرية في الدماغ. وفقاً لأنيرفان ناندي، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بجامعة ييل وأحد مؤلفي الدراسة، أظهرت الأبحاث السابقة أن الفوضى البصرية تؤثر على عملية الإدراك بدرجات متفاوتة، وذلك بناءً على موقع هذه الفوضى في مجال الرؤية. على سبيل المثال، إذا طُلب من شخص قراءة كلمة “cat” من زاوية عينه، فإن الحرف “t” سيكون له تأثير أكبر في إعاقة التعرف على الحرف “a” مقارنة بالحرف “c”، رغم المسافة المتماثلة بين الحروف. وتُسمى هذه الظاهرة “الازدحام البصري” (visual crowding).

أبحاث جديدة في الدماغ البصري
في هذه الدراسة الجديدة، سعى الباحثون لفهم تأثير الفوضى البصرية على الدماغ بشكل أكثر دقة، حيث قاموا بتدريب قردة ذات نظام بصري مشابه للبشر على التركيز على شاشة عرض. أثناء ذلك، قاموا بتسجيل النشاط العصبي في القشرة البصرية الأولية للقرود، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة المعلومات البصرية.

النتائج الرئيسية
أظهرت الدراسة أن موقع الفوضى في المجال البصري للقرود لم يُؤثر بشكل كبير على كيفية انتقال المعلومات بين الخلايا العصبية في القشرة البصرية الأولية، لكنه أثر على كفاءة تدفق هذه المعلومات. بعبارة أخرى، لم تؤثر الفوضى البصرية على ترتيب الإدراك البصري للأشياء، لكنها قللت من جودة معالجة الصورة البصرية.

وفقاً لمونيكا جادي، إحدى المؤلفين المشاركين في الدراسة، يمكن أن تؤدي الفوضى في موقع معين إلى تحفيز معلومات القشرة البصرية الأولية بدرجة أقل مقارنة بفوضى في موقع آخر.

اكتشافات جديدة في القشرة البصرية
كشفت الدراسة أيضاً عن خاصية جديدة في القشرة البصرية لم تكن معروفة سابقاً. حيث أظهرت الأبحاث أن هناك وحدات فرعية داخل مناطق الدماغ المسؤولة عن الرؤية تقوم بعمليات متخصصة وتنقل جزءاً من هذه المعلومات إلى وحدات فرعية أخرى. ويُعلق الدكتور ناندي قائلاً: “إن هذا الاكتشاف يملأ الفجوة بين مختلف مجالات البحث في الرؤية البصرية.”

التأثيرات المستقبلية
الآن، يدرس الباحثون كيفية تأثير الفوضى على معالجة المعلومات بين مناطق الدماغ المختلفة وكيف يؤثر التركيز على نقطة معينة في هذه العمليات. كما يوضح الدكتور ناندي، على سبيل المثال، عندما تقود السيارة، قد تركز على السيارة التي أمامك، ولكنك قد تلفت انتباهك إلى السيارة في المسار المجاور للتحقق مما إذا كانت تقترب منك. بالرغم من أن المعلومات التي تحصل عليها تكون من السيارة التي أمامك، إلا أن المعلومات الأهم قد تأتي من الأجزاء التي تقع خارج نطاق تركيزك المباشر.

وفي الختام، تضيف الدكتورة جادي: “على الرغم من أنك لا تحصل على أدق التفاصيل عند النظر من جانبك، فإنك تستطيع إدراك المنطقة التي تراقبها بشكل جيد، ما يثير العديد من الأسئلة حول كيفية تأثير التركيز على تدفق المعلومات في القشرة البصرية.”

زر الذهاب إلى الأعلى