توسّع الجامعات المصرية في الخليج: خطوة طموحة بين الفرص والتحديات

أتاح قرار مجلس الوزراء المصري بإنشاء فروع للجامعات الحكومية خارج البلاد، لا سيما في دول الخليج، فرصة لتعزيز الحضور الأكاديمي المصري إقليمياً، مستفيداً من السمعة العريقة لمؤسسات مثل جامعتي القاهرة وعين شمس.
دعم رئاسي وتوجه استراتيجي
حظي القرار بتأييد رئاسي، حيث أكدت الرئاسة المصرية في بيان صادر مطلع العام الجاري أن هذه الخطوة تأتي في إطار استراتيجية تدويل التعليم المصري وتصديره. وأُقرّ الاتفاق على إنشاء فروع للجامعات المصرية بالخارج بالشراكة مع القطاع الخاص، دون تحميل الدولة أعباء مالية إضافية.
وفي هذا الإطار، وافقت جامعة القاهرة على إنشاء فرعين لها في كلٍّ من الدوحة والرياض، فيما تسعى جامعتا عين شمس والإسكندرية للحاق بها، في خطوة تهدف إلى تعزيز التعاون الأكاديمي والثقافي، وتوفير فرص تعليمية أوسع للطلاب في الخليج.
بين الاستثمار الأكاديمي والتحديات المطروحة
يعكس هذا القرار توجهين رئيسيين:
- استثمار التعليم العالي: إذ يُنظر إلى الجامعات باعتبارها أصولاً أكاديمية يمكن توظيفها لتعزيز العوائد المالية وتعظيم الاستفادة من مواردها.
- توسيع النفوذ الأكاديمي: من خلال رفع مستوى التأثير المصري في مجال التعليم العالي على المستوى الإقليمي والدولي.
إلا أن هذا الطموح يواجه تحديات عدة، أبرزها:
- المنافسة القوية: إذ تتنافس الجامعات المصرية مع مؤسسات أكاديمية عالمية ذات إمكانات وموارد ضخمة.
- الحفاظ على الجودة: وهو عامل حاسم لضمان استمرار سمعة الجامعات المصرية وجذب الطلاب.
- مخاطر الطابع التجاري: إذ يُخشى أن يتحول هذا التوسع إلى استثمار تجاري بحت على حساب المستوى الأكاديمي.
التوسع المحلي في الجامعات الأهلية
على الصعيد المحلي، شهد قطاع التعليم الجامعي في مصر طفرة كبيرة، حيث تم إنشاء 13 جامعة أهلية جديدة عام 2022، منبثقة عن الجامعات الحكومية، مع خطط لافتتاح 10 جامعات أخرى، ليصل إجمالي عدد الجامعات الأهلية إلى 30.
وارتفع عدد الطلاب الأجانب الملتحقين بالجامعات المصرية إلى نحو 130 ألفاً، ما يعكس نجاح استراتيجية تطوير التعليم العالي. كما زاد عدد الجامعات المصرية إلى 116، مع توقعات ببلوغ 126 جامعة قريباً، فيما بلغ عدد أعضاء هيئة التدريس نحو 140 ألفاً.
ورغم هذا النمو، لا تزال الجامعات المصرية تواجه تحدياً في تحقيق مراكز متقدمة في التصنيفات العالمية، حيث تحتل جامعة القاهرة المرتبة 350 عالمياً، فيما تأتي مصر في المرتبة الثامنة عربياً، متأخرة عن دول مثل السعودية والإمارات وقطر ولبنان.
ريادة تعليمية ومحاذير التوسع
يصف الدكتور رضا مسعد، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لتربويات الرياضيات، هذه الخطوة بأنها عودة إلى الدور الريادي لمصر في التعليم العالي، الذي شهد تراجعاً لأسباب سياسية خلال العقود الماضية. لكنه يشدد على ضرورة التوازن بين الأبعاد الاستثمارية والأكاديمية، محذراً من التوسع العشوائي على حساب الجودة.
بدوره، يرى أحد أساتذة جامعة الزقازيق أن مصر تمتلك فرصة ذهبية لتحسين تصنيف جامعاتها، لكنها تعاني من تحديات أبرزها ضعف تمويل الأبحاث وانخفاض أجور الأساتذة الجامعيين، ما قد يُضعف قدرتها التنافسية.
نظرة مستقبلية
بين الطموح والتحديات، تبقى مسألة نجاح هذه الاستراتيجية مرهونة بقدرة الجامعات المصرية على تقديم تعليم بجودة عالمية، وضمان ألا يُطغى الفكر الاستثماري على الرسالة الأكاديمية، بما يرسّخ اسم مصر كوجهة تعليمية رائدة في المنطقة.