تهديد حقيقي: ارتفاع أسعار الفائدة وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
أصدرت مجلة “إيكونوميست” تقريرًا حذرًا يشير إلى إمكانية فشل سياسة رفع أسعار الفائدة، التي تعتمدها عدة اقتصادات عالمية، في الحد من التضخم وتحقيق نمو مستدام. يُشار في التقرير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي يظهر بقوة تفوق التوقعات، ورغم هذا التقدم، يُرى أن هذا النمو الحالي غير قابل للاستمرار بسبب التحديات المحتملة.
أفاد التقرير بأن القوة الاقتصادية الحالية تزيد من توقعات رفع أسعار الفائدة، مما ينجم عنه زيادة في تكاليف الاقتراض وتأثير سلبي على الشركات والأسواق العقارية. ولاحظ أيضًا أن ارتفاع الديون الحكومية والعجز المالي يضعفان الموقف الاقتصادي ويعرضان الحكومات لمخاطر التأثر بالارتفاع المستمر في أسعار الفائدة.
وأشارت المجلة إلى أن الاقتصاد العالمي، رغم تصاعد الصراعات وتفاقم التحديات الجيوسياسية، لا يزال يشكل مصدرًا للتفاؤل. فقبل عام واحد فقط، كان الاعتقاد السائد أن ارتفاع أسعار الفائدة سيؤدي إلى ركود قريب، إلا أن المشهد الاقتصادي الحالي أفقد حتى المتفائلين اتجاههم، حيث شهد الاقتصاد الأميركي انتعاشًا ملحوظًا في الربع الثالث، وتراجعت معدلات التضخم في أنحاء العالم، بينما استمرت معدلات البطالة منخفضة في معظم القطاعات. ورغم ذلك، تظل القلقات متجذرة في استقرار أسس النمو في ظل التحديات المتنوعة. وفي هذا السياق، أوضحت المجلة أن الاقتصاد الذي يعتمد على أسعار الفائدة المرتفعة قد دفع بالمضاربات للاعتقاد بأن التخفيضات الكبيرة في هذه الأسعار لن تكون وشيكة، على الرغم من تباطؤ وتيرة الزيادة فيها.
خطر أسعار الفائدة
أشار التقرير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يشكل تهديداً محتملاً، حيث أوضح أن “بمرور الوقت ونظرًا لاحتمال استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، يمكن أن تتعرض السياسات الاقتصادية الحالية للفشل، مما يعرض النمو الاقتصادي الذي تم تعزيزه بواسطة تلك السياسات للخطر.”
وبيَّن التقرير خطورة نضوب احتياطيات المدخرات الفائضة للأسر، خاصة في الولايات المتحدة، مع ارتفاع أسعار الفائدة، وكيف يمكن أن تؤدي هذه الزيادة إلى تأثير مؤلم يقلل من حرية الإنفاق لدى المستهلكين.
وأكد التقرير بأنه في حال استمرار ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة، ستظهر مشاكل في جميع أنحاء الاقتصاد العالمي. وتناول تزايد حالات الإفلاس في الشركات بأوروبا والولايات المتحدة، متوقعًا أن تجبر البنوك، التي تحتفظ بأوراق مالية طويلة الأجل وتعتمد على قروض قصيرة الأجل، على زيادة رأس المال أو الاندماج لتعويض التأثيرات السلبية التي تسببها ميزانياتها العمومية نتيجة للفائدة العالية.
ديون مرتفعة
أفادت تقرير “الإيكونوميست” بأن الديون الحكومية في العالم الغني قد بلغت أعلى مستوياتها على الإطلاق، مقاسة كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت المجلة إلى أنه في فترة انخراط أسعار الفائدة كان بالإمكان التحكم في الديون الكبيرة، لكن مع ارتفاع أسعار الفائدة الحالي، أصبحت تلك الديون تمثل عبئاً ثقيلاً على ميزانيات الدول.
وحذر التقرير من أن “سياسة الارتفاع المستمرة تشكل تهديدًا يمكن أن يشجع الحكومات على التمرد ضد مسؤولي البنوك المركزية الذين يسعون لاحتواء التضخم”.
وأوضح التقرير أن ارتفاع أسعار الفائدة لمدة طويلة قد يثير شكوك المستثمرين في التزامات الحكومات بالحفاظ على التضخم منخفضًا وسداد ديونها.
وأشارت المجلة إلى أن هذه الضغوط تجعل من الصعب تحقيق توقعات الأسواق الحالية بشأن الاقتصاد العالمي، بما في ذلك تجنب الركود، وخفض التضخم، وتحمل الديون الهائلة، ومواجهة أسعار الفائدة المرتفعة، “كل هذا في نفس الوقت”.
وعلى الرغم من أن مجلس الاحتياطي الفدرالي وبنك إنجلترا قررا الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، إلا أن المركزي الأميركي أبقى الباب مفتوحًا لمزيد من زيادة تكاليف الاقتراض، مع إقراره قوة اقتصاد الولايات المتحدة في بيانه الأخير.
تعليق واحد