تل أبيب: من خرافة حضرية إلى اكتشافات أثرية تكشف عن معاناة المنفيين اليهود في بابل

تأسست مدينة “تل أبيب” في عام 1909، حيث كانت في البداية حيًا في شمال يافا قبل أن تتوسع على حساب المدينة الأصلية والقرى الفلسطينية التي هجر سكانها. مع مرور الوقت، أصبحت تل أبيب عاصمة إسرائيل بعد عام 1948. لكن تقريرًا جديدًا لصحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يسلط الضوء على تفنيد فكرة حضرية شائعة، وهي تلك التي كانت تعتبر أن تل أبيب هي مدينة حقيقية عاش فيها النبي حزقيال، استنادًا إلى تفسيرات تقليدية للعهد القديم.
تستند أبحاث حديثة، مستندة إلى السجلات البابلية والنقوش الأثرية المكتشفة مؤخرًا، إلى تسليط الضوء على الشكوك حول هذه الفرضية. تشير هذه الأبحاث إلى أن “تل أبيب” لم تكن مكانًا جغرافيًا حقيقيًا، بل كانت تعبيرًا استعاريا يشير إلى “خراب المدن”. كما تكشف هذه الدراسات أن حزقيال ربما عاش في بيئة حضرية داخل العاصمة بابل أو في أحد مراكزها الإدارية، وليس في القرى الزراعية على أطراف الإمبراطورية كما كان يعتقد سابقًا.
في هذا التقرير، تقدم صحيفة “هآرتس” نظرة جديدة حول حياة النبي حزقيال ومكان إقامته أثناء منفاه في بابل، بناءً على الاكتشافات الأثرية الحديثة وتحليل النصوص المسمارية، ومقارنة المصادر التوراتية بالبابلية.
وأوضح الأكاديمي الإسرائيلي يوفال ليفافي، الباحث في قسم الآثار والشرق الأدنى القديم بالجامعة العبرية في القدس، أن مصطلح “تل أبيب” ظهر في اللغة العبرية لأول مرة في عام 1902، حين استخدمه الكاتب اليهودي البولندي ناحوم سوكولوف عنوانًا لترجمته لرواية “ألتنويلاند” للزعيم الصهيوني ثيودور هرتزل. وبعد بضع سنوات، أصبح “تل أبيب” اسمًا لحي جديد أسس خارج أسوار مدينة يافا، ثم تحول مع مرور الوقت ليصبح ثاني أكبر مدينة في إسرائيل والمركز الاقتصادي لها.
رغم أن “تل أبيب” وردت في سفر حزقيال (3:15) في العهد القديم كاسم لموقع سكن فيه النبي حزقيال، فإن مصطلح “المسبيين” في النص يشير إلى سبي بابل، حيث تم نقل النبي حزقيال مع الملك يهوياكين إلى بابل عام 597 قبل الميلاد، أي قبل 11 عامًا من تدمير الهيكل في القدس.
تظهر الدراسات الحديثة أن “تل أبيب” لم تكن مدينة حقيقية بل مستوطنة صغيرة قرب القناة العظيمة نار كاباري في بابل. ويكشف الباحثون أن “تل أبيب” كانت في الواقع استعارة لغوية مأخوذة من التعبير الأكادي “تيل أبوبه”، الذي يعني “تل الخراب” أو “كومة الدمار”.