تفاصيل جديدة حول أنفاق غزة تفاجئ جيش الاحتلال بحسب نيويورك تايمز
استغربت قوات الاحتلال الإسرائيلي من تداول تفاصيل جديدة حول متانة وتعقيد شبكة الأنفاق تحت قطاع غزة، حيث تضمنت إحدى تلك الأنفاق ممرًا واسعًا بما يكفي للسماح لقائد بارز في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بقيادة مركبته في الجوانب الداخلية.
وامتد نفق آخر لمسافة تقارب ثلاثة ملاعب كرة قدم تحت منزل أحد كبار قادة حماس، بينما اكتشفت القوات الإسرائيلية درجًا حلزونيًا يؤدي إلى نفق بعمق يصل إلى سبعة طوابق تقريبًا.
أفادت تقارير نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، استنادًا إلى معلومات من الجيش الإسرائيلي، بأن هذه التفاصيل تبرز الخطورة التي يشكلها الجانب الأمني في قطاع غزة، مؤكدة أن هذه التحديات كانت موضوع قلق للقوات الإسرائيلية حتى قبل اندلاع النزاع الحالي.
أذهلهم نطاقها وعمقها ونوعيتها
ذهل مسؤولون وجنود إسرائيليون، بالإضافة إلى مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ذوي خبرة في المنطقة، من نطاق وعمق وتقنية الأنفاق التي بنتها حركة حماس، وفقًا لتقرير ينقل آراءهم. حتى الآلات المستخدمة في بنائها فاجأت الجيش الإسرائيلي، والذي يعتقد الآن بوجود مزيد من الأنفاق تحت قطاع غزة.
وفي ديسمبر الماضي، كان يتوقع طول شبكة الأنفاق حوالي 400 كيلومتر، لكن الآن يُقدر بين 560 و750 كيلومترًا، وهي أرقام غير مألوفة في منطقة يصل طولها الأقصى إلى 40 كيلومترًا فقط. وقدر اثنان من المسؤولين على وجود ما يقرب من 5700 مدخل منفصل يؤدي إلى تلك الأنفاق.
قال آرون غرينستون، الذي عمل كضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وكان لديه خبرة واسعة في المنطقة، إن حماس استغلت الوقت والموارد على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية لتحويل قطاع غزة إلى معقل صلب.
كابوس تحت الأرض
أظهر التقرير أن الأنفاق أصبحت كابوسًا تحت الأرض وجوهرًا لقدرة حماس على البقاء، وأن كل هدف إستراتيجي لإسرائيل في قطاع غزة يتعلق الآن بالتصدي لتلك الأنفاق.
قامت حماس بتكثيف استثماراتها في الأنفاق نظرًا لعدم توفر الموارد أو القوات الضرورية للتصدي للجيش الإسرائيلي في حروب تقليدية. تُستخدم هذه الأنفاق كمراكز عسكرية ومستودعات، حيث تعتمد حماس عليها لتحريك قواتها بحرية دون اكتشاف ولحماية قادتها الكبار.
وأشار التقرير إلى أن واحدة من الوثائق التي تم الحصول عليها من إسرائيل في عام 2022 كشفت أن حماس كانت قد خصصت ميزانية بلغت مليون دولار لبناء أبواب الأنفاق والورش تحت الأرض ونفقين آخرين في منطقة خان يونس.
وتقديراً حديثًا من قبل مسؤولي المخابرات الإسرائيلية يشير إلى وجود حوالي 160 كيلومترًا من الأنفاق تحت مدينة خان يونس، أكبر مدينة في جنوب قطاع غزة، حيث تشهد القوات الإسرائيلية حاليًا مواجهات عنيفة. وأفادوا أيضًا بأن زعيم حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، كان له منزل في خان يونس.
نوعان من الأنفاق
أكد الجيش الإسرائيلي اكتشافه لنوعين من الأنفاق في قطاع غزة، حيث يُستخدم النوع الأول من قبل القادة، فيما يُستخدم النوع الثاني بواسطة النشطاء. يتميز نفق القادة بعمقه وراحته الأكبر، مما يتيح إمكانية إقامة إقامات طويلة، في حين تكون الأنفاق الأخرى عمومًا أكثر ضحلًا.
وأشار مسؤول إسرائيلي إلى أن الجيش ربما قضى عامًا كاملا في تحديد موقع نفق واحد، ولكن الحملة البرية قدمت الآن مجموعة من المعلومات حول الشبكة. وأضاف مسؤول آخر إسرائيلي أن الجيش فحص الحواسيب المستخدمة من قبل نشطاء حماس المسؤولين عن بناء الأنفاق، حيث تم العثور على قوائم تحتوي على العائلات التي “استضافت” مداخل الأنفاق في منازلها الخاصة.
وفي إحدى الحالات المذكورة في التقرير، تم تحديد خريطة للأنفاق في بيت حانون من قبل الجنود الإسرائيليين، حيث تم استخدامها لتحديد مواقع الأنفاق وتدميرها.
مفخخة بقنابل مخبأة على الجدران
أفاد أحد الجنود بأنه شهد تدمير حوالي 50 نفقًا في بيت حانون، حيث كانت كل تلك الأنفاق مفخخة، وتحتوي على قنابل مخبأة في الجدران، بالإضافة إلى وجود عبوة ناسفة ذات حجم كبير تم توصيلها بواسطة أسلاك صلبة للتفجير عن بعد. وأشار إلى أن جهاز التفجير كان قد تم صنعه في مصنع معين وكان يحمل رقم تسلسلي، موضحًا أن انفجار القنبلة كان لسيء، حيث كان يمكن أن يؤدي إلى موت أي شخص داخل النفق وحتى خارجه مباشرة.
وذكرت دافني ريتشموند باراك، خبيرة في حرب الأنفاق في جامعة رايخمان في إسرائيل، أن حماس اقتبست تكتيكاتها من المسلحين السوريين الذين نفذوا هجومًا نفقيًا في حلب عام 2014، حيث نجحوا في قتل العديد من قوات الحكومة.
تحت المزارع والمصانع
في الأسبوع الماضي، قاد الجنود الإسرائيليين الصحفيين في جولة لاستكشاف ثلاثة مداخل لأنفاق في منطقة وسط قطاع غزة. كانت أحد هذه المداخل داخل مبنى ذو طابق واحد في مزرعة على حافة البريج، بينما كان الثاني موجود داخل مصنع حديد تابع للمدنيين، والثالث كان محصورًا في سقيفة بالقرب من وحدات صناعة الصلب.
وكان المدخل الواقع في مصانع الصلب هو الأعمق والأكثر تقدما، حيث بلغ عمقه حوالي 30 ياردة، وكان مجهزًا بنوع من المصاعد. أفاد الجنود أن هذا المدخل كان يستخدم لنقل أجزاء من الذخائر التي تم إنتاجها في مصانع الصلب.
تفكيكها قد يستغرق سنوات
في إطار الجولة التفقدية، قاد الجنود الإسرائيليين الصحفيين للاطلاع على نفق ثالث موجود داخل مبنى من طابق واحد في منطقة البريج المحاطة بالأراضي الزراعية. كان المدخل إلى هذا النفق مخفيًا خلف باب مُغلق، تم تفجيره بعناية من مفصلاته، ولم يسمح للصحفيين بإعادة دخول النفق بعد ذلك.
أوضح مسؤول إسرائيلي أن تدمير الأنفاق ليس مهمة سهلة، حيث يتعين تحديد مواقعها وفحصها أولاً بحثًا عن “رهائن”. وأشار إلى فشل المحاولات السابقة لتدمير الأنفاق عن طريق غمرها بمياه البحر.
وقد قدر المسؤول أن تعطيل نظام الأنفاق قد يحتاج إلى سنوات من العمل المستمر والتحليل الدقيق.