اقتصاد

تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين وسط تهديدات متبادلة

اشتدت حدة التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 10% على الواردات الصينية اعتبارًا من 4 مارس/آذار المقبل، الأمر الذي دفع بكين إلى التهديد باتخاذ “كل التدابير المضادة الضرورية” لحماية مصالحها.

وفي بيان رسمي، أكدت وزارة التجارة الصينية أن الإجراءات الأميركية ستزيد الأعباء على الشركات والمستهلكين الأميركيين، وتهدد استقرار السلسلة الصناعية العالمية، محذرة من أن بكين ستتخذ كل الخطوات اللازمة للدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة إذا استمرت واشنطن في هذا النهج.

كما رفضت الصين الاتهامات الأميركية بشأن مسؤوليتها عن أزمة الفنتانيل في الولايات المتحدة، معتبرة أنها مجرد محاولة “لإلقاء اللوم على الآخرين”، مؤكدة في الوقت ذاته أن لديها واحدة من أشد السياسات صرامة في مكافحة المخدرات عالميًا، وأنها تتعاون مع الدول الأخرى في هذا الملف.

رسوم على كندا والمكسيك

لم تقتصر الرسوم الأميركية على الصين، إذ أعلن ترامب فرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، قبل أن يقرر تعليقها لمدة شهر، وهي المهلة التي تنتهي الثلاثاء المقبل.

وفي ردود الأفعال، أعربت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم عن أملها في التفاوض مع ترامب لمنع فرض الرسوم، في حين أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن حكومته تعمل على مدار الساعة لتجنب الإجراءات الأميركية، مشيرًا إلى أن أقل من 1% من الفنتانيل والمهاجرين غير المسجلين يدخلون الولايات المتحدة عبر الحدود الكندية، وفقًا لوكالة الأنباء الفرنسية.

انعكاسات اقتصادية فورية

أدت تصريحات ترامب والردود الصينية إلى اضطرابات ملحوظة في الأسواق العالمية، حيث:
🔸 انخفض مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة 3.9%، وهو أكبر تراجع يومي منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
🔸 تراجع مؤشر CSI 300 الصيني بنسبة 1.9%.
🔸 سجل اليوان الصيني انخفاضًا طفيفًا إلى 7.29 مقابل الدولار.

وحذر الخبير الاقتصادي في بلومبيرغ تشانغ شو من أن ترامب “قد يضغط أكثر من اللازم”، مشيرًا إلى أن بكين تحلت بضبط النفس حتى الآن، لكن استمرار التصعيد قد يدفعها إلى اتخاذ إجراءات انتقامية أكثر حدة، مما قد يؤدي إلى حرب تجارية أكثر ضررًا.

ردود فعل رسمية وإجراءات مضادة

تعتزم القيادة الصينية عقد اجتماعات الأسبوع المقبل للتعامل مع تداعيات التصعيد الأميركي، وسط توقعات بالإعلان عن حزم تحفيزية تتراوح بين 500 و700 مليار يوان (69-97 مليار دولار) لدعم الاستهلاك والاستثمار في التكنولوجيا.

بدورها، حذرت وزارة الخارجية الصينية من أن الرسوم الجديدة ستؤثر “بشكل خطير على الحوار” بين البلدين بشأن مكافحة المخدرات، متهمة واشنطن بممارسة “الابتزاز”، حيث صرح المتحدث باسم الوزارة لين جيان بأن “الضغط والتهديدات ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع الصين، فالاحترام المتبادل هو الأساس”.

توسيع نطاق التعريفات

وسّعت إدارة ترامب ضغوطها على بكين من خلال فرض قيود جديدة على تدفقات الاستثمار بين البلدين، بالإضافة إلى رسوم مقترحة على السفن الصينية التي تنقل البضائع إلى الولايات المتحدة، فضلًا عن إجراء محادثات مع المكسيك لدفعها نحو فرض تعريفات على السلع الصينية.

ووفقًا لتقرير صادر عن دائرة أبحاث الكونغرس، فإن الفنتانيل المتجه إلى الولايات المتحدة يتم تصنيعه في المكسيك باستخدام مواد كيميائية صينية، ما يعزز التكهنات بأن التصعيد الأميركي قد يكون مدفوعًا بأهداف سياسية أكثر من كونه تجاريًا.

هل نحن أمام فصل جديد من الحرب التجارية؟

مع اقتراب دخول الرسوم الجديدة حيز التنفيذ، يبقى السؤال الأبرز: هل ستتمكن واشنطن وبكين من التوصل إلى اتفاق يوقف التصعيد؟ أم أننا أمام فصل جديد من الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم؟

في ظل الغموض الحالي، يترقب العالم انعكاسات هذه المواجهة على الاقتصاد العالمي برمته.

زر الذهاب إلى الأعلى