بنغلاديش في قبضة الجيش والطلبة يرشحون محمد يونس لرئاسة الحكومة المؤقتة
تعيش بنغلاديش في قبضة الجيش النافذ، حيث دعا الطلاب الذين نظموا الاحتجاجات إلى تولي محمد يونس، مؤسس بنك الفقراء والحائز على جائزة نوبل، رئاسة الحكومة المؤقتة، وذلك بعد فرار الشيخة حسينة إلى الهند وسط اضطرابات لم تنتهِ بعد، رغم الفرحة العارمة التي تعم البلاد بعد الإطاحة بها.
دعوة الطلاب وتأييد يونس
أعلنت قيادات الطلبة قبل اجتماع مرتقب مع قائد الجيش عن عزمهم الضغط لتولي محمد يونس (84 عامًا) رئاسة الحكومة المؤقتة. وأفادت المنظمة الطلابية في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن قادة الاحتجاجات “تحدثوا بالفعل مع يونس، الذي وافق على تولي المسؤولية بالنظر إلى الوضع الحالي في البلاد”. وأكدت قيادات الطلبة أنهم سيعلنون عن المزيد من الأسماء للحكومة، مما يجعل تجاهل خياراتهم صعبًا على القيادة الحالية.
في المقابل، لم يحصل يونس، الذي وصف استقالة حسينة بأنها “يوم التحرير الثاني” للبلاد، على أي عرض رسمي من الجيش لقيادة الحكومة المؤقتة حتى اللحظة، وهو موجود حاليًا في أوروبا.
تصريحات الجيش وردود الفعل الدولية
أعلن قائد الجيش الجنرال وقر الزمان في بث على التلفزيون الرسمي استقالة الشيخة حسينة من منصبها كرئيسة للوزراء، مؤكدًا أن الجيش سيشكل حكومة تصريف أعمال مؤقتة قريبًا. وأكد أنه سيتم رفع حظر التجول صباح اليوم الثلاثاء، مع توقعات بأن يقود الجيش الحكومة المؤقتة. وأمر الرئيس البنغلاديشي محمد شهاب الدين بالإفراج عن المعتقلين على خلفية الاحتجاجات وعن رئيسة الوزراء السابقة وزعيمة المعارضة خالدة ضياء، التي سجنتها حسينة عام 2018 بتهم الفساد وتعاني من وضع صحي متدهور.
اجتمع الرئيس وقائد الجيش في وقت متأخر أمس، إلى جانب قادة للمعارضة، وأعلن شهاب الدين بعد الاجتماع أنه سيتم “حل البرلمان وتشكيل حكومة وطنية في أقرب وقت ممكن”، مما يؤدي إلى انتخابات جديدة. وأكد فريق العلاقات العامة للرئيس بأنه تم اتخاذ قرار بتشكيل حكومة مؤقتة فورًا، لكن لم يتضح بعد إن كان سيرأسها قائد الجيش، الذي أعلن مساء أمس إغلاق مطار دكا الدولي دون توضيح الأسباب.
في تصريحاته المتلفزة، قال الجنرال زمان: “إن البلاد تمر بفترة ثورية، وأعدكم جميعًا بأننا سنحقق العدالة لجميع جرائم القتل والظلم ونطلب منكم أن تثقوا بجيش البلاد”. وأشار إلى أن الجيش سيحقق في حملة القمع التي خلفت نحو 300 قتيل منذ منتصف يوليو/تموز، وهي واحدة من أسوأ عمليات إراقة الدماء منذ حرب الاستقلال عام 1971.
أوضاع الشوارع والاحتفالات
بدت شوارع العاصمة دكا هادئة نسبيًا اليوم، مع عدم وجود تقارير عن أعمال عنف جديدة. تم رفع حظر التجول، واستعادة الاتصالات إلى حد كبير، وإطلاق سراح العشرات من المتظاهرين الذين اعتقلوا خلال أسابيع الاحتجاجات. ولا يزال المتظاهرون المبتهجون يتزاحمون على مقر إقامة الزعيمة المخلوعة بعدما قُتل 109 أشخاص على الأقل خلال اضطرابات أمس.
واقتحم المتظاهرون البرلمان وأحرقوا محطات تلفزيونية، وحطموا تماثيل لوالد حسينة، الشيخ مجيب الرحمن، وأضرموا النار في متحف مخصص له، في مشهد لم يكن من الممكن تخيله قبل ساعات فقط عندما كانت حسينة تحظى بدعم القوات الأمنية.
في غضون ذلك، حث حزب المعارضة الرئيسي (حزب القوميين في بنغلاديش) الناس على ممارسة ضبط النفس، واصفًا المرحلة بأنها “لحظة انتقالية في مسارنا الديمقراطي”. ودعا طارق رحمن، رئيس الحزب بالنيابة، الناس إلى عدم أخذ القانون بأيديهم.
المصير الغامض لحسينة
بدا مصير حسينة غير واضح بعد أن هبطت في مطار عسكري بالقرب من نيودلهي أمس، والتقت مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال. ذكرت صحيفة “إنديان إكسبريس” أنها نُقلت إلى منزل آمن ومن المرجح أن تسافر إلى المملكة المتحدة. ولكن دعوات الحكومة البريطانية إلى فتح تحقيق تقوده الأمم المتحدة في “مستويات العنف غير المسبوقة” تثير الشكوك حيال ذلك.
صرح ابن حسينة، سجيب وازد جوي، بأنه يشك في عودتها إلى العمل السياسي، قائلاً إنها “شعرت بخيبة أمل كبيرة بعد كل عملها الشاق”. تجدر الإشارة إلى أن حسينة أقامت علاقات مع دول قوية، بما في ذلك الهند والصين المجاورتين، وكانت العلاقة بين حسينة والولايات المتحدة جيدة في الغالب، حيث اعتبرتها واشنطن شريكة في تحقيق أولوياتها، لا سيما “مكافحة التطرّف الإسلامي” وإيواء لاجئي الروهينغا الهاربين من الاضطهاد في بورما.