بعد 30 عاما من الغياب هل يمكن إحياء اتحاد المغرب العربي؟
قبل عدة أيام، أصدر رئيسا البرلمان في المغرب وموريتانيا بيانًا يؤكدان فيه التمسك باتحاد المغرب العربي، مشددين على أن التكامل المغاربي هو خيار لا رجعة عنه.
تأتي هذه التصريحات في ختام زيارة أجراها رئيس البرلمان المغربي لنواكشوط، وذلك بمناسبة الذكرى الـ35 لتأسيس منظمة اتحاد المغرب العربي التي تم الإعلان عنها في مدينة مراكش المغربية في 17 فبراير/شباط عام 1989.
يأتي ذلك في ظل تزايد المشاكل التي تواجهها الدول الأعضاء في الاتحاد، بما في ذلك الأحداث الأمنية في منطقة الساحل التي تؤثر بشكل مباشر على موريتانيا والجزائر وليبيا، إضافة إلى الأزمة الاقتصادية والسياسية في تونس، وتجميد العلاقات بين المغرب والجزائر.
يتكون اتحاد المغرب العربي من تونس والجزائر وموريتانيا والمغرب وليبيا، وتبلغ عدد سكانها حوالي 120 مليون نسمة، وتشكل مساحتها الإجمالية 6 ملايين كيلومتر مربع، أي نسبة تقدر بحوالي 40% من مساحة الوطن العربي. وتصل قيمة صادراتها الخارجية إلى 47.5 مليار دولار.
وفقًا لاتفاقية التأسيس، يهدف الاتحاد المغاربي إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتوحيد المواقف الخارجية تجاه القضايا العالمية، ويعتبر تعزيز روابط الأخوة بين الدول الأعضاء وصيانة السلام والعدالة والسعي لتنفيذ السياسات المشتركة أهدافًا رئيسية.
تشمل الأهداف المحددة في ميثاق التأسيس تحقيق الوحدة بين الدول الأعضاء، وتعزيز التعاون الدبلوماسي من خلال التواصل المستمر. كما يسعى الاتحاد إلى تعزيز التعليم والحفاظ على القيم الروحية والأخلاقية المستمدة من تعاليم الإسلام، وصون الهوية القومية العربية.
لتحقيق هذه الأهداف، تم تشكيل هيكل تنظيمي يضم 15 آلية مختلفة، تشمل اللجان والمؤسسات المتخصصة في مجالات متعددة، بما في ذلك مجلس الرئاسة واللجان الوزارية المتخصصة والأمانة العامة ولجنة الأمن الغذائي والهيئة القضائية.
وتوزع مقرات الهيئات الرئيسية للاتحاد في مختلف الدول الأعضاء، حيث يتواجد مقر الأمانة العامة في الرباط، ومقر مجلس الشورى في الجزائر، ومقر الهيئة القضائية في نواكشوط. بالإضافة إلى ذلك، تستضيف تونس المصرف المغاربي، فيما يتواجد مقر كل من الأكاديمية المغاربية وجامعة المغرب العربي في العاصمة طرابلس.
مسيرة متعثرة
على الرغم من وجود هذه الهيئات، إلا أنها لم تحقق حتى الآن تأثيرًا ملموسًا على الواقع السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولم تسهم في تذليل العقبات التي تحول دون تحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون الأمني والسياسي.
على الرغم من تأسيس الاتحاد المغاربي منذ أكثر من 35 عامًا، والذي كان يهدف إلى تحقيق الوحدة والاندماج الاقتصادي والثقافي كوسيلة لتحقيق التكامل السياسي والعسكري، إلا أن مساره توقف قبل بدايته ولم يتم تحقيق جزء كبير من الأهداف المعلنة في مؤتمر التأسيس.
وتعمقت الخلافات السياسية بين الدول الأعضاء بسبب أزمة الصحراء الغربية، مما أثر على تقدم الكيان الإداري الذي يضم الدول الخمس في الجزء الغربي من العالم العربي.
كما شهدت العلاقات بين ليبيا وتونس فتورًا كبيرًا خلال فترة حكم الزعيم الراحل معمر القذافي، ولم تكن على المستوى المطلوب لتحقيق التكامل والتعاون.
وتعود آخر قمة رئاسية جمعت بين زعماء الدول المغاربية إلى عام 1994 في تونس، ومنذ ذلك الحين لم يتمكن القادة من التغلب على الخلافات السياسية والتوافق على عقد مزيد من الاجتماعات.