النجاح الساحق لرقم هاتف السنوار: تحطيم حملة الصور والدعاية الإسرائيلية ببراعة الملثم
جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: كيف تفشل الدعاية الإسرائيلية وتنجح حماس في إعادة تشكيل الرأي العام العالمي والإسرائيلي”
خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، حاول المندوب الإسرائيلي جلعاد أردان جذب الانتباه بلقطة مسرحية على منبر الأمم المتحدة، حيث رفع رقم هاتف المحامي يحيى السنوار. ومع تبين أن الرقم لا يتعلق برئيس حماس في غزة، ردت حماس بفاعلية بنشر رقم هاتف أردان نفسه، ما أدى إلى تكرار المكالمات والرسائل من مختلف أنحاء العالم.
تعكس هذه الحادثة الساخرة داخل وخارج الاجتماع العام للأمم المتحدة نموذجًا لإدارة الحرب النفسية والمعركة الإعلامية التي تعتمد على فهم القوة الرمزية وكسر السرد الإعلامي. وقد نجحت حماس بشكل كبير في هذه المعركة، وهو ما يظهر من خلال التحليلات الإسرائيلية نفسها.
تُظهر الأحداث أن الحكومة الإسرائيلية، التي تواجه توترًا داخليًا وانقسامًا تامًا تحت قيادة نتنياهو، تجد صعوبة في الحفاظ على وحدة الرأي العام داخليًا وفي الحصول على دعم دولي. وتكشف دعايتها المرتبكة عن فشلها في إيجاد تأييد لسردياتها، بل وكشفت عن أخطاء فادحة وتضليل إعلامي.
بالمقابل، استغلت حركة حماس براعة في استغلال نقاط ضعف إسرائيل، ونجحت في إعادة تشكيل الرأي العام الإسرائيلي والعالمي بشكل فعّال، وفقًا لتحليلات جال يافيتز من جامعة بار إيلان الإسرائيلية.
7 أكتوبر بين الفعل ورد الفعل
“الاستراتيجية الناجحة لحماس: فن الحرب النفسية والتأثير الإعلامي المدروس”
منذ ضربة “طوفان الأقصى”، قادت حماس والمقاومة حملة حرب نفسية مدروسة، تركزت على استثمار فعال لقضايا محددة مثل الأسرى والمحتجزين، إضافة إلى التركيز على خسائر الجيش الإسرائيلي. تمثلت نجاحات هذه الحملة في تقويض السرديات الإسرائيلية، حيث تم استخدام الصور ومقاطع الفيديو ببراعة وبدقة فائقة، وتم تكريس هذا الجهد بظهور متواتر ومؤثر للناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، الذي أصبح لا يُعد إلا أداة اتصالية ذات تأثير كبير.
تأتي هجمات غلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كنقطة تحول استثنائية، حيث أحدثت صدمة عسكرية ونفسية للمجتمع الإسرائيلي. ساعدت هذه الهجمات حركة حماس والمقاومة في تعزيز استراتيجيتها في مجال الحرب النفسية والتحكم في تدفق المعلومات، مظهرة ضعف الجيش الإسرائيلي وارتباك قياداته. تم تفكيك الصورة النمطية للجيش الإسرائيلي وإيجاد صورة لجيش مهزوم وعاجز عن حماية المجتمع الإسرائيلي.
تمت دراسة السياق الاتصالي بعناية، حيث ظهر قادة المقاومة تباعًا في مواجهة التحديات، بدءًا من ظهور قائد أركانها محمد الضيف وصولًا إلى الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة. تم نشر المعلومات بشكل تدريجي ومحسوب، مما أدى إلى نجاح استراتيجية الاتصال، خاصة في ظل الارتباك الكبير للحكومة الإسرائيلية.”
“إستراتيجية الاتصال لحماس والمقاومة: تحول الصورة النمطية وتركيب الواقع”
شهدت الحملة الإعلامية لحماس والمقاومة، منذ ضربة “طوفان الأقصى”، تنفيذ سياسة اتصالية مدروسة استخدمت خطاباتها ومنشوراتها ومقاطع الفيديو لتحقيق أهداف نفسية تؤثر في بنية المجتمع الإسرائيلي. يمكن تلخيص هذه الأهداف في:
- استغلال الانقسام الداخلي في إسرائيل للتأثير بقوة الصورة والإقناع.
- تعميق هذا الانقسام لتأزيم الأزمة السياسية.
- إظهار صورة للجيش الإسرائيلي كقوة ضعيفة ومهزومة.
- إظهار ضعف وأخطاء نتنياهو وحكومته.
- إظهار القوة والبأس العسكري للمقاومة وقدرتها على التخطيط والتنفيذ.
- زرع الخوف والإحباط في المجتمع الإسرائيلي وتكسير نظرية الأمان الإسرائيلية.
يؤكد الباحث يانيف ليفيتان أن الحركة نجحت في تحقيق إنجازات كبيرة بتكلفة منخفضة من خلال استخدام الحرب النفسية كأداة رئيسية.
وبشكل ملحوظ، كان هجوم أكتوبر الماضي على غلاف غزة نقطة تحول استثنائية، فأحدثت صدمة عسكرية ونفسية في المجتمع الإسرائيلي، ساهمت في تحديد مسار الحرب النفسية وتعميق الانقسام الداخلي.
تحدث الباحث رون شلايفر عن هدف حماس في إقناع الآخرين بصحة قضيتها، مستعرضًا مقاطع فيديو مزعجة أثرت في نفسية الإسرائيليين بشكل كبير.
في النهاية، فشلت السردية الإسرائيلية في الاستمرارية، حيث تم تفنيدها من قبل الإعلام الإسرائيلي نفسه. وبالتالي، خسرت إسرائيل حرب الصورة في الساعات الأولى لطوفان الأقصى، مما دفعها لمحاولة استعادة مكانتها وإعادة بناء صورتها في وجه التحديات والهزائم النفسية.”