الصين تتبنى سياسة نقدية مرنة لمواجهة التحديات الاقتصادية والتجارية في 2025
تعهد المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، بقيادة الرئيس شي جين بينغ، بتطبيق سياسة نقدية “متساهلة بشكل معتدل” خلال عام 2025. يأتي هذا التحول بعد 14 عامًا من السياسات النقدية “الحكيمة”، حيث تستعد الصين لمواجهة تداعيات اقتصادية محتملة نتيجة تصاعد التوترات التجارية، خاصة مع تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.
سياسة مالية استباقية
وفقًا لوكالة الأنباء الرسمية “شينخوا”، أكدت الهيئة السياسية المؤلفة من 24 عضوًا خلال اجتماعها الشهري، اعتماد سياسة مالية “أكثر استباقية”. ومن المتوقع أن تتجه الصين نحو توسيع العجز المالي إلى ما يتجاوز 3% خلال الدورة البرلمانية السنوية في مارس/آذار المقبل، مما يتيح للحكومة المركزية إمكانية اقتراض المزيد لدعم الاقتصاد المتباطئ، بحسب وكالة “بلومبيرغ”.
تحفيز اقتصادي جريء
في مذكرة بحثية، وصف خبراء بنك “مورغان ستانلي” -بما فيهم روبن شينغ- الخطوات الأخيرة بأنها “تحفيز جريء لم نشهده منذ عقد”. ورغم أن التوجهات تبدو إيجابية، فإن التنفيذ الفعلي لتلك السياسات لا يزال غير مؤكد.
تعززت ثقة الأسواق في الاقتصاد الصيني، حيث ارتفع اليوان بنسبة 0.1% بفضل التوقعات المتزايدة لتعافي الاقتصاد من خلال التحفيز النقدي والمالي.
أولويات مؤتمر العمل الاقتصادي
رغم عدم إعلان المكتب السياسي عن أرقام مستهدفة جديدة، إلا أن البيان الصادر قدم مؤشرات حول السياسة المستقبلية. ويتوقع أن يتصدر “زيادة الاستهلاك” جدول أعمال مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي المزمع عقده قريبًا، مما يعكس توجه الصين لجعل الطلب المحلي أولوية لعام 2025. ويهدف هذا التوجه إلى مواجهة الانتقادات الغربية بشأن إغراق الأسواق الأميركية والأوروبية بالسلع الرخيصة.
تحديات الاقتصاد والرسالة السياسية
شدد المكتب السياسي على استقرار سوق الأسهم ودعم قطاع العقارات الذي يعاني ركودًا منذ سنوات، مع تركيز خاص على تعزيز الاستهلاك المحلي كهدف رئيسي. وأشار زهاوبنج شينغ، كبير الإستراتيجيين في مجموعة “أستراليا ونيوزيلندا المصرفية”، إلى أن بيان المكتب السياسي “يحمل صياغة غير مسبوقة”، معبرًا عن ثقة قوية في مواجهة التحديات الخارجية، بما في ذلك تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على الصادرات الصينية.
إعادة توجيه السياسات
هذه السياسة النقدية “المتساهلة” تعيد للأذهان التحفيز الذي طبقته الصين خلال الأزمة المالية العالمية (2007-2008). إلا أن المسؤولين أكدوا على تجنب تكرار السيناريو السابق من خلال دعم نمو مستدام دون زيادة في الديون.
وأكد رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، خلال اجتماعه مع رؤساء المنظمات الاقتصادية الدولية الكبرى، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، على التزام الحكومة باستخدام “كل الوسائل الممكنة” لتعزيز الاستهلاك المحلي، باعتباره ركيزة أساسية لدفع الاقتصاد إلى الأمام.
تجسد هذه التوجهات تحولًا كبيرًا في سياسات الصين الاقتصادية، مع التركيز على التحفيز الداخلي لمواجهة التحديات الخارجية وضمان استقرار الاقتصاد الوطني في مواجهة التقلبات العالمية.