السيارات الطائرة: حلم يتحقق رغم التحديات التقنية والقانونية

تعد السيارات الطائرة من أبرز الابتكارات المستقبلية التي طالما شغلت خيال محبي الخيال العلمي والمبتكرين على حد سواء. وقد بدأت هذه الفكرة تظهر لأول مرة في إعلانات منتصف القرن التاسع عشر، حيث كان يُعتقد أنها ستكون أحد أهم الاختراعات التي ستغير شكل الحياة في المستقبل القريب.
ورغم التحديات الهندسية والفيزيائية التي تواجه هذه السيارات والتي تجعلها تبدو أقرب إلى الخيال، فإن المبتكرين لم يتوقفوا عن السعي لتحقيق هذا الحلم. وتعود أولى المحاولات الفعلية لبناء سيارة طائرة إلى عام 1917، حينما حاول الطيار جلين كيرتس بناء أول سيارة طائرة في العالم، إلا أن محاولاته باءت بالفشل.
ورغم قلة النجاح في البداية، إلا أن فكرة السيارات الطائرة استمرت في جذب الانتباه، وازداد الاهتمام بها مع التطورات التكنولوجية في السنوات الأخيرة. وفي عام 2018، قدمت شركة “بال-ڤ” (Pal-V) النموذج الأول للسيارة الطائرة “ليبرتي”، التي حصلت على الترخيص للطيران في 2022. كما أظهرت شركات أخرى نماذج مبتكرة، مثل “أليف للطيران” (Alef Aeronautics) التي كشفت عن سيارتها “إيه” (A)، القادرة على التحليق لمسافة تزيد عن 110 كيلومترات.
وفي الوقت ذاته، لا يزال قطاع السيارات الطائرة يشهد منافسة قوية من الشركات الأخرى مثل “أساكا إيه 5” و”كلاين فيجن آير كار”، فضلاً عن الشركات الصينية مثل “إكس بينغ أيروهت” التي طرحت تصاميم مبتكرة لهذه السيارات. وفي الصين على وجه الخصوص، تسعى الحكومة لتحقيق هدف طموح يقضي بوجود 100 ألف سيارة طائرة في سمائها بحلول عام 2030.
تدعم الحكومة الصينية هذا القطاع بشكل كبير من خلال تمويلات وإعفاءات ضريبية، وقد أسست “التحالف الاقتصادي الصيني المنخفض الارتفاع” الذي يضم أكثر من 100 شركة تعمل في هذا المجال. وتعتبر الصين السيارات الطائرة حلاً محتملاً للتخفيف من الازدحام المروري في المدن الصينية والوصول إلى المناطق النائية ذات الطرق الوعرة.
ورغم ذلك، لا يزال قطاع السيارات الطائرة يواجه العديد من التحديات، أبرزها العقبات التقنية المتعلقة بمدى السيارات الطائرة، حيث لا تزال هذه المركبات تواجه صعوبة في قطع مسافات طويلة بسبب البطاريات الحالية. كما أن التحديات القانونية تبرز بوضوح، خصوصًا فيما يتعلق بتنظيم قواعد الطيران وقيادة هذه المركبات.
على الرغم من هذه العقبات، فإن السيارات الطائرة تحمل العديد من الفوائد المحتملة مثل تسهيل الوصول إلى المناطق المعزولة وتقليل الازدحام في المدن. وقد بدأ بعض الدول مثل اليابان في استثمار هذه التكنولوجيا نظرًا للطبيعة الجغرافية الخاصة التي تتمتع بها. ومن المتوقع أن تقتصر هذه السيارات في المدى القريب على المستخدمين المقتدرين، بالإضافة إلى هيئات الإنقاذ والحكومات، بسبب التكلفة المرتفعة لهذه المركبات واللوائح القانونية المعقدة.