ثقافة

التراث العالمي: قائمة تضم مواقع تاريخية وثقافية وطبيعية فريدة

تتضمن قائمة التراث العالمي مواقع ذات قيمة استثنائية تعكس التراث الإنساني والطبيعي، إذ أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) ضمن الممتلكات التي تستوجب الحماية، حفاظًا على إرث البشرية ونقله للأجيال القادمة.

ووفقًا للموقع الرسمي لليونسكو، تضم القائمة حتى مطلع عام 2025 أكثر من 1200 موقع للتراث العالمي، منها 952 موقعًا ثقافيًا، و231 موقعًا طبيعيًا، و40 موقعًا مختلطًا، موزعة على 168 دولة موقعة على اتفاقية التراث العالمي لعام 1972.

وتشمل القائمة فقط المواقع التي تعود إلى الدول الأعضاء في الاتفاقية، والبالغ عددها 196 دولة بحلول نهاية عام 2024. وتلتزم هذه الدول، وفقًا لبنود الاتفاقية، بحماية تراثها الثقافي والطبيعي، وترشيح الممتلكات المؤهلة للإدراج في القائمة، بما يسهم في تعزيز الجهود الدولية للحفاظ على التراث العالمي.

النشأة والتطور: من الفكرة إلى الاتفاقية الدولية

بدأت فكرة توفير حماية دولية للتراث العالمي بعد الحرب العالمية الأولى، وتطورت عبر مسارين منفصلين: أحدهما يركز على حماية المواقع التاريخية والثقافية، والآخر يعنى بالحفاظ على المناطق الطبيعية.

إنقاذ معابد النوبة: نقطة تحول في حماية التراث

في عام 1959، أثار قرار بناء السد العالي في أسوان بمصر قلقًا دوليًا بسبب التهديد الذي شكّله على آثار النوبة، بما في ذلك معبدا أبو سمبل وفيلة، اللذان يعدّان من كنوز الحضارة المصرية القديمة. أطلقت اليونسكو حملة دولية لإنقاذ تلك المواقع، وأسفرت الجهود عن نقلها إلى أماكن أكثر أمانًا، بتكلفة بلغت 80 مليون دولار، ساهمت فيها أكثر من 50 دولة حول العالم.

نحو اتفاقية عالمية لحماية التراث

في عام 1965، عقد البيت الأبيض في واشنطن مؤتمرًا عالميًا سلّط الضوء على أهمية الجمع بين حماية المواقع الثقافية والمواقع الطبيعية. وتبنى المؤتمر فكرة إنشاء صندوق التراث العالمي لدعم الجهود الدولية في هذا المجال.

وفي عام 1968، وضع الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة مقترحات لحماية المواقع الطبيعية والثقافية، وعُرضت على مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية في العاصمة السويدية ستوكهولم عام 1972.

وفي نوفمبر 1972، اعتمد المؤتمر العام لليونسكو المنعقد في باريس اتفاقية حماية التراث الثقافي والطبيعي العالمي، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 1975 بعد مصادقة 20 دولة عليها، مما أتاح تأسيس:

  • صندوق التراث العالمي لتمويل مشاريع الحفاظ على المواقع التراثية.
  • لجنة التراث العالمي للإشراف على تنفيذ الاتفاقية.

وفي عام 1978، أُدرجت أول قائمة للتراث العالمي، وضمت 12 موقعًا، منها جزر غالاباغوس في الإكوادور، وكاتدرائية آخن في ألمانيا، وكنائس لاليبيلا الصخرية في إثيوبيا.

وفي عام 1992، أنشأت اليونسكو مركز التراث العالمي لمتابعة تنفيذ الأنشطة اليومية المتعلقة بحماية التراث العالمي، وتنظيم اجتماعات لجنة التراث العالمي، وتقديم المشورة للدول الأعضاء بشأن الترشيحات الجديدة.

أهداف اتفاقية التراث العالمي

بين عامي 2002 و2007، حددت لجنة التراث العالمي خمسة أهداف استراتيجية لضمان تنفيذ الاتفاقية بفعالية، وهي:

  1. الحفاظ الفعّال على الإرث العالمي المشترك.
  2. تعزيز الوعي العالمي بأهمية حماية التراث العالمي، وزيادة التواصل بشأنه.
  3. إشراك المجتمعات المحلية في تنفيذ الاتفاقية وحماية التراث.
  4. تحقيق توازن جغرافي في قائمة التراث العالمي من خلال تمثيل عادل للمواقع التاريخية والطبيعية عالميًا.
  5. تطوير آليات بناء القدرات لفهم الاتفاقية وتطبيقها، خاصة فيما يتعلق بترشيحات المواقع الجديدة.

أنواع التراث المدرجة في القائمة

1. التراث الثقافي المادي

يضم هذه الفئة المواقع الأثرية والتاريخية التي تحمل قيمة فنية أو علمية استثنائية، وتشمل:

  • الآثار: مثل المعابد والمنحوتات والنقوش والجداريات والمساكن الصخرية.
  • المباني التاريخية: التي تمثل أنماطًا معمارية متميزة.
  • المناظر الثقافية: التي تعكس التفاعل بين الإنسان والبيئة الطبيعية.

2. التراث الطبيعي

يشمل المواقع الطبيعية ذات القيمة العلمية والجمالية، مثل:

  • التشكيلات الجيولوجية والبيولوجية النادرة.
  • المناطق التي تمثل نماذج فريدة لعمليات التطور البيئي.
  • المحميات الطبيعية التي توفر موائل للكائنات المهددة بالانقراض.

3. التراث المختلط

هي المواقع التي تجمع بين أهمية ثقافية وطبيعية استثنائية، مثل جبال تايشان في الصين التي تمتلك قيمة روحية وتاريخية، إلى جانب جمالها الطبيعي الفريد.

4. التراث الثقافي غير المادي

يشمل الممارسات والتقاليد المتوارثة، مثل:

  • التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، كالأساطير والأمثال والحكايات الشعبية.
  • الفنون الأدائية، مثل الموسيقى والرقص والمسرح.
  • المعارف التقليدية حول الطبيعة، مثل الطب الشعبي والعلاج بالأعشاب.
  • الحرف التقليدية التي تجسد مهارات متوارثة.

أُضيفت هذه الفئة إلى اتفاقية اليونسكو من خلال اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي لعام 2003، التي عُقدت في باريس.

5. التراث الثقافي المغمور بالمياه

يشمل المواقع الأثرية المدفونة تحت الماء، مثل حطام السفن القديمة، والمدن والموانئ الغارقة، والتي تقدم معلومات قيّمة عن الحضارات القديمة. تم اعتماد هذه الفئة في اتفاقية عام 2001 لحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه.

التراث العالمي: مسؤولية جماعية للحفاظ على إرث الإنسانية

تُعد قائمة التراث العالمي شهادة على التنوع الثقافي والطبيعي الذي يثري البشرية، حيث تعكس المواقع المدرجة فيها إبداعات الإنسان، وروعة الطبيعة، وضرورة التعايش بينهما. وبفضل جهود اليونسكو والدول الأعضاء، يظل هذا التراث مصونًا للأجيال القادمة، باعتباره رمزًا للهوية الإنسانية ومرآةً لتاريخ العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى