التجارة وخدمة العملاء: رحلة تاريخية وتحولات مع الذكاء الاصطناعي
تُعد التجارة جزءًا أساسيًا من تاريخ الإنسانية، إذ يمتد تاريخها عبر العصور ويعود ظهور التجارة عبر المسافات الطويلة إلى حوالي 3000 سنة قبل الميلاد، مما مهد الطريق لظهور مفهوم العميل وتقديم الخدمات له. لكن، لم يُكتب التاريخ الرسمي لخدمة العملاء بمفهومها الحالي إلا في وقت لاحق.
شهدت ستينيات القرن الثامن عشر، بعد الثورة الصناعية، ظهور أول فرق لدعم العملاء، وهو ما أسس لمرحلة جديدة في تطور الخدمات التي نعرفها اليوم. يُظهر استعراض هذه الحقبة التاريخية كيف تطورت هذه الصناعة على مر الزمن، مؤثرةً على الطريقة التي نتعامل بها مع العملاء في العصر الحالي.
لقد تطورت خدمة العملاء بشكل ملحوظ، بدءًا من الفرق الأولى التي ظهرت في الثورة الصناعية، مرورًا بابتكار الهاتف ومراكز الاتصال، وصولاً إلى الإنترنت والذكاء الاصطناعي الذي يعيد تشكيل هذا المجال في الوقت الحاضر.
تجربة العملاء مع الذكاء الاصطناعي
تشير منصة “سرفي سبارو” المتخصصة في تحسين خدمة العملاء إلى أن تجربة العملاء مع الذكاء الاصطناعي تتضمن استغلال تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز التفاعل مع العملاء، تبسيط العمليات التجارية، وزيادة رضا العملاء. تشمل التقنيات المستخدمة في هذا المجال خوارزميات التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، التحليلات التنبؤية، وحتى أتمتة العمليات الروبوتية.
وفقًا لدراسة حديثة لشركة “ماكنزي”، يُستخدم الذكاء الاصطناعي للمشاركة الاستباقية والفعالة، التنبؤ بنوايا العملاء، وتحسين قنوات الخدمة الذاتية بشكل ملحوظ. تتجه الشركات المتقدمة، خاصة في القطاعات الرقمية، نحو تكامل الذكاء الاصطناعي على مستويات أعلى، مما يعزز من فعالية العمليات.
التحديات التي واجهتها خدمة العملاء التقليدية قبل ثورة الذكاء الاصطناعي
هل تساءلت يومًا عما يحدث بعد تلقي العميل السؤال التقليدي: “على مقياس من صفر إلى 10، ما مدى رضاك عن تجربة خدمة العملاء؟” رغم أن هذه الأسئلة تقدم بيانات رقمية، إلا أنها غالبًا ما تفتقر للسياق الذي يوضح سبب رضا العميل أو استيائه.
تتمثل إحدى التحديات الرئيسية في أن خدمة العملاء التقليدية تتضمن عادةً تواصل العميل مع الدعم بعد مواجهة مشكلة، مما يتسبب في إضاعة الوقت وانتظار طويل، سواء على الهاتف أو عبر الأنظمة الآلية المعقدة. يواجه العملاء أيضًا مشاكل مثل تكرار طلب المعلومات، وتعدد المحطات التي يجب الانتقال بينها قبل الوصول إلى حل، فضلاً عن نقص التناسق في الخدمة.
كيف يحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في خدمة العملاء؟
على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي في مجال خدمة العملاء لا يزال في مراحله الأولى، فإنه بدأ بالفعل في إحداث تغييرات جذرية في الطريقة التي تعمل بها الشركات. وفقًا لتقرير شركة “ماكنزي”، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم بما يصل إلى 25.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.
كما أشار أنوراغ دينغرا، نائب الرئيس الأول في شركة سيسكو، إلى أن الذكاء الاصطناعي يتيح الانتقال من خدمة العملاء التفاعلية إلى حلول استباقية، مما يتيح للعملاء حل المشكلات البسيطة بشكل تلقائي، بينما يركز الوكلاء البشريون على القضايا الأكثر تعقيدًا.
أفضل 10 استراتيجيات للذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
- التوصيات الشخصية: يستخدم الذكاء الاصطناعي خوارزميات التعلم الآلي لتحليل سلوكيات واهتمامات العملاء لتقديم توصيات مخصصة.
- روبوتات الدردشة والمساعدة الافتراضية: تقوم روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي بإجابة استفسارات العملاء وحل المشكلات البسيطة على مدار الساعة.
- مساعدات الصوت ومعالجة اللغة الطبيعية: تقدم المساعدات الصوتية مثل “سيري” و”ألكسا” تجارب تفاعلية مخصصة بناءً على الأوامر الصوتية.
- خدمة العملاء التنبؤية: يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بالمشاكل المستقبلية استنادًا إلى سلوك العملاء، مما يتيح التواصل الاستباقي لحل المشاكل قبل حدوثها.
- تحليلات النص المتقدمة: يتيح الذكاء الاصطناعي تحليل النصوص لاكتشاف الأنماط والرؤى التي قد تفوت البشر، مما يساعد في تحسين تجربة العميل.
- تحليل المشاعر: يستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل مشاعر العملاء عبر المراجعات والتعليقات على الوسائط الاجتماعية.
- التخصيص في الوقت الفعلي: يمكن للذكاء الاصطناعي تعديل المحتوى في الوقت الفعلي بناءً على سلوك العميل أثناء التصفح.
- تجربة سلسة عبر القنوات المتعددة: يضمن الذكاء الاصطناعي تجربة عملاء متكاملة عبر جميع القنوات مثل الهاتف المحمول، والويب، ووسائل التواصل الاجتماعي.
- تجزئة العملاء: يتم تحليل بيانات العملاء لتقديم حملات تسويقية موجهة بشكل دقيق بناءً على التفضيلات والأنماط السلوكية.
- إدارة علاقات العملاء (CRM) المدعومة بالذكاء الاصطناعي: يساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز أنظمة إدارة علاقات العملاء، مما يساعد الشركات على التنبؤ بالعملاء الأكثر احتمالًا للتحول إلى عملاء دائمين.
أمثلة على تطبيق الذكاء الاصطناعي في خدمة العملاء
- أمازون: تستخدم “أمازون” الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات مخصصة للعملاء بناءً على سلوكهم وسجل الشراء.
- ستاربكس: تعتمد على الذكاء الاصطناعي عبر “ديب برو” لتخصيص الرسائل التسويقية وتحسين تجربة العملاء.
- سيفورا: تستخدم تطبيق “فيرتشوال آرتيست” المدعوم بالذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة العملاء في اختيار مستحضرات التجميل عبر الواقع المعزز.
إن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل تجربة العملاء بشكل جذري، مما يفتح أفقًا جديدًا للابتكار في خدمة العملاء.