ثقافة

البطاقات البريدية: من تقليد قديم إلى ابتكارات حديثة

لا يزال الجيل الأكبر سناً يتذكر البطاقات البريدية التي تحمل صوراً للمعالم السياحية، والتي كانت تُرسل بالبريد إلى الأصدقاء والأقارب حاملةً التحيات والأمنيات، أو تُجمع لتصبح خزانة ذكريات عن أسفار قد لا تتكرر. ومع ذلك، فقد أصبحت هذه البطاقات نادرة في ظل التطور التكنولوجي، حيث يفضل المسافرون الآن التقاط الصور للمعالم التي يزورونها ومشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، نظراً لسهولة هذا الخيار مقارنة بالبحث عن مكتب بريد وشراء الطوابع.

تراجع إرسال البطاقات

وفقاً لاستطلاع رأي بريطاني، أفاد 39% من المشاركين بأنهم لا يرسلون بطاقات بريدية على الإطلاق عند السفر، في حين أشار نحو 21% إلى أنهم كانوا يرسلون بطاقات بريدية لأحبائهم ولكنهم تخلوا عن هذه العادة. بيانات استطلاع لعام 2023 كشفت أن 18% فقط من البريطانيين يرسلون بطاقات بريدية إلى أسرهم عند السفر.

ومع ذلك، يشير منظمو الاستطلاع إلى أن هذا التراجع لا يعني تحولا جذرياً بين الأجيال. فقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته شركة “إنشوراندجو” البريطانية أن جيل الألفية هو الأكثر إرسالاً للبطاقات البريدية، حيث أرسل 53% منهم بطاقات بريدية أثناء سفرهم. يأتي بعدهم جيل “زد” (16-26 عاماً) بنسبة 47%، ثم جيل “إكس” (43-58 عاماً) بنسبة 34%. يُعزى إرسال البطاقات البريدية إلى تقاليد عائلية أو عادات شخصية أو الرغبة في مشاركة تجارب السفر مع الأحبة.

التمسك بالتقاليد

رغم تراجع عدد المرسلين، يحب نحو 41% من الناس تلقي البطاقات البريدية، حيث يشعرون بـ”السعادة” و”التقدير” عند تلقيها. وأحياناً يحتفظ الناس بالبطاقات لسنوات طويلة كذكريات ثمينة.

من بين هؤلاء، يورجين هارتفيج من ألمانيا الذي جمع نصف مليون بطاقة بريدية على مدى عقود، محتفظاً ببعضها في صناديق الأحذية وبعضها مصنوعة من مواد غير تقليدية مثل الخشب أو الفضة. هارتفيج يبحث حالياً عن متحف متخصص لعرض مجموعته.

تاريخ البطاقة البريدية

في ألمانيا، يعود أصل البطاقة البريدية إلى عام 1865 عندما اقترح هينريش فون ستيفان فكرة “ورقة بريد مفتوحة” كبديل بسيط ورخيص للخطابات. بعد تنفيذ الفكرة في عام 1870، تطورت البطاقة البريدية لتصبح مزينة بالصور. وفقاً للمؤرخ فيت ديدكزونيت، “بفضل تكنولوجيا الطباعة المتقدمة في ألمانيا، أصبحت البطاقات البريدية تُنتج للعالم بأسره، وعبر الجميع عن شغفهم بها”.

التحولات الحديثة

ورغم استمرار اهتمام هواة جمع البطاقات، لا تتوقع هيئة البريد الألمانية استمرار هذا الاتجاه طويلاً. أشار ألكسندر إيدنهوفر، المتحدث باسم الهيئة، إلى أن أعداد البطاقات البريدية تتراجع بشكل مستمر. في عام 2023، نقلت الهيئة حوالي 95 مليون بطاقة، معظمها داخل ألمانيا.

في المقابل، تثير المنصات الرقمية مثل “بوستكروسينج” اهتماماً متزايداً. هذه المنصة تتيح للغرباء في جميع أنحاء العالم التواصل عبر بطاقات بريدية رقمية، وجذبت نحو 800 ألف عضو من أكثر من 200 دولة. قالت إحدى المشاركات من الولايات المتحدة إن هذه المنصة ساعدتها في تحسين صحتها النفسية بشكل أفضل من الأدوية، بينما اعتبرها معجب آخر من البرتغال وسيلة رائعة للتواصل وإشاعة الأحاسيس الإيجابية.

زر الذهاب إلى الأعلى