اكتشاف مركب في الزنجبيل يخفف التهاب الأمعاء ويفتح آفاقًا علاجية جديدة

الباحثون يكتشفون مركبًا في الزنجبيل يخفف التهاب الأمعاء
توصل فريق بحثي دولي، بقيادة باحثين من جامعة تورنتو في كندا، إلى أن مركبًا في الزنجبيل يُعرف باسم “فورانودينون” (Furanodienone) يمتلك خصائص مضادة للالتهابات قد تساهم في التخفيف من حدة التهاب الأمعاء. وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في مجلة “نيتشر كوميونيكيشنز” (Nature Communications) في 3 فبراير/شباط الجاري، ونقلها موقع “يوريك أليرت”.
التهاب الأمعاء.. مرض مزمن بلا علاج
يُعرف مرض التهاب الأمعاء (IBD) بأنه مجموعة من الاضطرابات التي تسبب التهابًا مزمنا في الجهاز الهضمي، حيث تتسم نوباته بظهور مفاجئ لأعراض تشمل آلامًا حادة في البطن وإسهالًا ومشاكل أخرى. ووفقًا لـ”كليفلاند كلينك”، فإن هذا المرض يستمر مدى الحياة دون وجود علاج نهائي له.
آلية عمل مركب فورانودينون
كشفت الدراسة أن فورانودينون يتفاعل بفعالية مع مستقبل نووي يُعرف باسم “مستقبل بريجنان إكس” (Pregnane X Receptor)، وذلك بعد تحليل مكونات الزنجبيل الكيميائية التي ترتبط بمستقبلات تلعب دورًا في مرض التهاب الأمعاء.
تعمل المستقبلات النووية كمستشعرات داخلية تتحكم في استجابة الجسم لمختلف الجزيئات، بما في ذلك المواد المشاركة في عمليات الأيض والالتهابات. ويلعب مستقبل بريجنان إكس دورًا مهمًا في استقلاب المواد الغريبة مثل السموم والأدوية، مما يجعله هدفًا رئيسيًا في هذه الدراسة.
تأثير فورانودينون على الالتهاب المعوي
أثبت الباحثون أن فورانودينون يقلل من الالتهابات في الأمعاء من خلال تحفيز مستقبل بريجنان إكس، مما يعزز قدرته على تثبيط إنتاج السيتوكينات المحفزة للالتهابات. كما يساعد هذا المركب على زيادة إنتاج بروتينات الوصلات الضيقة (Tight Junctions)، التي تعمل على إصلاح الضرر الحاصل في بطانة الأمعاء نتيجة الالتهاب. اللافت أن تأثيرات فورانودينون تقتصر على القولون، مما يحدّ من أي آثار جانبية محتملة على أعضاء أخرى في الجسم.
تطبيقات علاجية محتملة
قال جياباو ليو، الباحث المشارك في الدراسة من مركز “دونيلي” للأبحاث الخلوية والجزيئية بجامعة تورنتو:
“تمكنا من تقليل الالتهاب في قولون الفئران عبر إعطائها مركب فورانودينون فمويًا. هذا الاكتشاف يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام الطب التكميلي والتكاملي في علاج مرض التهاب الأمعاء”.
وأضاف ليو أن المنتجات الطبيعية قد تكون أكثر دقة في تنظيم المستقبلات النووية مقارنة بالمركبات الاصطناعية، مما يجعلها خيارًا علاجيًا بديلاً أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
نحو تطوير علاجات جديدة
رغم أن بعض مرضى التهاب الأمعاء قد يجدون تحسنًا عبر تعديل نظامهم الغذائي أو تناول المكملات العشبية، فإنه لم يكن واضحًا حتى الآن أي المركبات الفعالة التي تساهم في تقليل الالتهاب. لكن مع تحديد فورانودينون، أصبح بالإمكان استخراج هذا المركب من الزنجبيل لتطوير علاجات أكثر فعالية.
في هذا السياق، أشار هنري كراوس، الباحث في الدراسة وأستاذ علم الوراثة الجزيئية بكلية طب تيميرتي في جامعة تورنتو، إلى أن معدلات الإصابة بمرض التهاب الأمعاء تشهد تزايدًا مستمرًا في كل من الدول المتقدمة والنامية، ويُرجع ذلك إلى الانتقال نحو أنظمة غذائية تعتمد بشكل متزايد على الأطعمة المعالجة والغنية بالدهون والسكريات.
واختتم كراوس بقوله:
“المنتج الطبيعي المشتق من الزنجبيل يُعد خيارًا أفضل لعلاج مرض التهاب الأمعاء مقارنة بالعلاجات التقليدية، حيث إنه لا يثبط جهاز المناعة ولا يؤثر سلبًا على وظائف الكبد”.
خلاصة
يشكل هذا الاكتشاف خطوة واعدة في مجال الطب الطبيعي، إذ يعزز من إمكانات استخدام المستخلصات النباتية في تطوير علاجات فعالة وآمنة لمرض التهاب الأمعاء، مما قد يفتح آفاقًا جديدة أمام المرضى الباحثين عن بدائل علاجية أقل ضررًا وأكثر استدامة.