استمرار الحرب على غزة يهدد آلاف الشركات الإسرائيلية بالإغلاق
بعد مضي شهرين على عملية “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحولًا مفاجئًا إلى وضع اقتصاد الحرب، مما يضع آلاف الشركات، خاصة الصغيرة، في مواجهة مخاطر جسيمة. ويتسارع هذا الوضع إذا اتسع نطاق النزاع في قطاع غزة وتوسّعت جبهاته إلى مناطق أخرى، وفقًا لتقرير نشرته موقع بلومبيرغ.
رجل الأعمال شلومي توسكيا، صاحب شركة “إيلاتيفا” في مدينة ريشون لتسيون وسط إسرائيل، يعتبر واحدًا من الذين واجهوا تحديات عديدة. شركته تواجه التوقف عن العمل، في انتظار تحول في مجريات الأحداث.
يعاني توسكيا والآلاف من أصحاب الشركات الصغيرة من تغير جذري في ظروف أعمالهم، بسبب استدعاء 300 ألف جندي احتياطي، ما يمثل 8% من القوة العاملة في البلاد.
مع منع العمال الفلسطينيين من العمل في البناء ومغادرة آلاف العمال بسبب حالة الحرب، أدى ذلك إلى تأثير سلبي على العديد من الأنشطة الاقتصادية. الإجلاء الجماعي من المناطق المتأثرة في شمال وجنوب إسرائيل أدى أيضًا إلى زيادة الاضطرابات.
بالنسبة لتوسكيا، كانت التداعيات الاقتصادية فورية، حيث كان يستعد لفترة ازدحام تلي الأعياد اليهودية في أكتوبر/تشرين الأول. ورغم توقعه لتحقيق أرباح، اضطر إلى طلب قروض للمحافظة على استمرار عمله وتغطية التكاليف الحياتية. ومع ارتفاع أسعار الفائدة والحاجة إلى خطة عمل مكلفة، اتجه إلى جمعية “أوجين” للاقتراض بمبلغ 250 ألف شيكل (66.7 ألف دولار) لدعم مشروعه بتكلفة أقل من التمويل البنكي التقليدي.
المشاريع الصغيرة
في سياق متصل، عبّر الرئيس التنفيذي لجمعية “أوجين”، ساجي بالاشا، عن تحديات الشركة في أعقاب الأحداث الأخيرة. قال: “في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عقدنا اجتماعًا إداريًا حيث أدركنا أننا سنواجه موجة ضخمة من الطلبات”.
تعتمد “أوجين” عادة على قروض تبلغ حوالي 70 مليون دولار سنويًا، ولكنها استقبلت طلبات بقيمة 58.2 مليون دولار فقط في الشهر حتى 21 نوفمبر/تشرين الثاني. وأضاف بالاشا أنه من المتوقع أن يزيد الطلب على القروض إلى 364.8 مليون دولار على مدى الأشهر الستة المقبلة، على الرغم من أن هذا يعتبر “قطرة في بحر”.
يثير هذا الوضع قلقًا في بلد يشكل فيه قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة نسبة تصل إلى 62.3% من إجمالي القيمة المضافة، وهو رقم يفوق المتوسط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
آلاف الشركات المهددة
تتوقع الدراسة التي أجرتها شركة “كوفاس بي دي آي” لصالح صحيفة “ماركر الاقتصادية” أن يغلق حوالي 57 ألف شركة إسرائيلية أبوابها هذا العام، مقارنة بـ42 ألف شركة في عام 2022. يُرجى العلم بأن الاقتصاد الإسرائيلي يضيف عادة حوالي 4500 شركة سنويًا، ولكن من المتوقع أن ينخفض هذا العدد بنسبة تصل إلى 20 ألف هذا العام.
في هذا السياق، زادت خمسة من أكبر البنوك في إسرائيل مخصصات خسائر الائتمان للشركات الصغيرة بمقدار 8 أضعاف مقارنة بالعام الماضي. أعلن بنك “هبو عليم”، الأكبر في البلاد، أن المجالات المتنوعة من السياحة إلى العقارات تواجه “انخفاضًا إضافيًا في الطلب وصعوبة في الترويج للمشاريع”.
في إجراء استجابي، قامت الحكومة بتخصيص 18 مليار شيكل (5 مليارات دولار) لدعم استمرارية الأعمال في أكتوبر ونوفمبر، وقدمت 80 ألف شركة طلبات للحصول على هذا الدعم. كما عرضت الحكومة أن تكون ضامنة للقروض في بعض الحالات، وقرر وزير المالية تسلئيل سموتريتش تمديد تعويضات ديسمبر.
بعد مرور 6 أسابيع من الحرب، أفادت خُمس الشركات بأنها ما زالت متوقفة عن العمل، وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي. وتتجه الانتقادات نحو الحكومة من قبل الشركات والمنظمات، واتحاد المصنعين الإسرائيليين، الذي يضم 1800 عضو.
بالاشا انتقد الحكومة، مشيرًا إلى فشلها في التعامل بشكل احترافي مع احتياجات الأعمال خلال الحرب، قائلاً: “نحن في أكبر حرب شهدتها إسرائيل في الـ50 سنة الماضية، فلا بد للحكومة التوصل لأدوات فائقة الإبداع وغير تقليدية لتحريك السوق حتى لو كانت تلك الأدوات غير مقبولة قبل الحرب”.