أسباب الانسحابات المتتالية لشركات الطاقة من العراق؟
أعلنت شركة شل الهولندية للطاقة يوم الثلاثاء الماضي انسحابها من مشروع “النبراس” البتروكيميائي الضخم. أكدت وزارة الصناعة والمعادن العراقية أن قرار الشركة جاء نتيجة تغير في سياستها الاستثمارية في مجال البتروكيماويات.
جون كروكر، نائب الرئيس التنفيذي لشركة شِل، أوضح خلال لقاءه برئيس الوزراء العراقي محمد السوداني في هولندا، أن الانسحاب جاء بسبب تغيير في خطط الشركة لمشاريع البتروكيماويات عالميًا، مؤكدًا استمرارها في المشاريع الأخرى في العراق.
هذا الانسحاب ليس الأول من نوعه، حيث سبقه انسحاب شركة إكسون موبيل من بعض حقول النفط في العراق، بالإضافة إلى انسحاب شركات دولية أخرى من جولة التراخيص النفطية الخامسة، مما يثير تساؤلات حول الأسباب والخسائر الاقتصادية المحتملة.
مشروع “النبراس” للبتروكيماويات يُعتبر أكبر مشروع في الشرق الأوسط في هذا القطاع، حيث يتوقع إنتاج ما يقارب 1.8 مليون طن من مادة البولي إثيلين سنويًا، بالإضافة إلى مصفاة بطاقة 300 ألف برميل يوميًا. يعتمد المشروع على غاز الميثان كمادة أولية، ويُعد قاعدة صناعية تدعم الصناعات البلاستيكية والمطاطية في المنطقة. تبلغ قيمة المشروع حوالي 11 مليار دولار، ومن المتوقع أن يوفر 40 ألف وظيفة مع دخل سنوي مقدر بنحو 1.4 مليار دولار.
الأستاذ نبيل المرسومي، خبير اقتصادي وأستاذ في جامعة المعقل بالبصرة، يشير إلى أن المفاوضات مع شركة شل بدأت في عام 2015، وكانت الحصة المقترحة للشركة تبلغ 49%، مقابل 51% لوزارتي النفط والصناعة العراقيتين. ويرى أن قرار الانسحاب يتماشى مع تغيير استراتيجية الشركة في مشاريع البتروكيماويات.
هذا القرار يأتي كالثالث لشركة شل في العراق، بعد انسحابها من حقلي مجنون وغرب القرنة.
انسحاب لوجستي أم أمني؟
وفقًا لـ نبيل المرسومي، شركة شل واجهت تحديين رئيسيين. الأول يتعلق بانسحابها من حقلي مجنون وغرب القرنة، بينما الثاني يتعلق بتطبيق نسبة العمولة في العقود النفطية العراقية. وأشار إلى أن الكلفة الأساسية المُحددة في العقد تبلغ نحو 11 مليار دولار، لكنه أوضح أن الشركة تقدر أن العمولة الإضافية تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار.
وأضاف المرسومي أن الوضع الأمني المضطرب في العراق قد أسهم كذلك في قرار شل بالانسحاب من المشروع، خاصة بعد التوترات الأخيرة بين الفصائل المسلحة والقوات الأميركية.
من جانبه، أكد عاصم جهاد، المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، أن انسحاب شركة شل يعود إلى توجهها نحو مشاريع الغاز بدلاً من النفط والبتروكيماويات، حيث تسعى الشركة إلى استثمار المشاريع الأكثر ربحية عالميًا. وأوضح أن مسؤولي الشركة قد أبلغوا الحكومة العراقية بهذا التحول في استراتيجيتها.
وفي سياق متصل، أكد جهاد أن انسحاب شركة شل لم يشمل كل المشاريع، حيث لا يزال لديها استثمار مهم في مشروع شركة غاز البصرة، الذي تمتلك فيه حصة تبلغ 44%، بالإضافة إلى حصة تمتلكها شركة متسوبيشي اليابانية بنسبة 5%، إضافة إلى شركات أخرى.