أزمة سياسية في ألمانيا بعد إقالة وزير المالية وانسحاب الحزب الليبرالي من الحكومة
انهار الائتلاف الحاكم في ألمانيا عقب قرار إقالة المستشار أولاف شولتس لوزير المالية كريستيان ليندنر، وهو ما أدى إلى انسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة، ما دفع البلاد إلى أزمة سياسية حادة ومهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة.
وقد أعلن المستشار شولتس، مساء أمس الأربعاء، عن إقالة ليندنر، مبرراً قراره بخرق الوزير لثقته مراراً، وأضاف أن “العمل الحكومي الجاد لا يمكن أن يستمر في ظل هذه الظروف”، مشيراً إلى الحاجة إلى حكومة قادرة على اتخاذ القرارات اللازمة لتوجيه البلاد.
واتهم شولتس الوزير المقال بوضع مصالح حزبه فوق مصلحة الوطن، وعرقلة تمرير قانون الميزانية بحجج غير منطقية.
بعد ساعات من إقالة ليندنر، الذي يتزعم الحزب الليبرالي الشريك في الائتلاف الحكومي، أعلن الوزراء الليبراليون الآخرون انسحابهم من الحكومة، ما أدى إلى فقدان الائتلاف لأغلبيته في البرلمان.
ويحكم المستشار شولتس عبر ائتلاف من ثلاثة أحزاب: الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحزب الديمقراطي الحر بقيادة ليندنر، وحزب الخضر.
أسباب الأزمة
تأتي هذه الأزمة بعد شهور من الخلافات حول سياسة الميزانية وسبل إنعاش الاقتصاد، وسط تراجع شعبية الحكومة وصعود التيارات المتشددة على جانبي اليمين واليسار.
تمت إقالة ليندنر خلال اجتماع حاسم في مقر المستشارية حضره ممثلون عن الأحزاب الثلاثة في الائتلاف. وخلال الاجتماع، طرح ليندنر مقترحاً للإصلاحات الاقتصادية الشاملة، وهو ما رفضه الحزبان الآخران، كما أبدى تلميحات حول احتمال انسحابه من الائتلاف.
واقترح الحزب الديمقراطي الحر خفض الإنفاق العام والضرائب وتقليل الإجراءات التنظيمية كوسيلة لتجاوز الأزمة.
رد فعل ليندنر
في تعليق على قرار إقالته، قال ليندنر إن المستشار شولتس حاول الضغط عليه لتجاوز حد الإنفاق المحدد في الدستور، وهو الأمر الذي رفض دعمه. وذكرت مصادر حكومية أن شولتس كان يخطط لزيادة حزمة الدعم المقدمة لأوكرانيا بمقدار 3 مليارات يورو، ليصل إجمالي الدعم إلى 15 مليار يورو.
وأضاف ليندنر في تصريحاته للصحافة: “يرفض أولاف شولتس الاعتراف بأن بلادنا بحاجة إلى نموذج اقتصادي جديد. لقد أظهر أولاف شولتس أنه لا يمتلك القوة لدفع بلاده نحو التغيير”.
الانتخابات المبكرة
من المتوقع أن يتولى شولتس قيادة حكومة أقلية بالتعاون مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر، ثاني أكبر حزب في الائتلاف. وفي ظل هذه الظروف، سيتعين على المستشار الألماني الاعتماد على الأغلبية البرلمانية المستقرة لإقرار التشريعات، مع خطط لإجراء تصويت على الثقة في حكومته في 15 يناير 2025، ما قد يؤدي إلى إجراء انتخابات مبكرة في مارس 2025.
وتأتي هذه الأزمة السياسية في وقت حساس بالنسبة لألمانيا، بالتوازي مع انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وفي وقت تتطلع فيه أوروبا إلى تشكيل جبهة موحدة حول قضايا تتراوح من الرسوم الجمركية الأميركية إلى الحرب في أوكرانيا ومستقبل حلف شمال الأطلسي (ناتو). كما تأتي الأزمة في وقت حرج لألمانيا التي تواجه تحديات اقتصادية وبنية تحتية متقادمة وقوة عسكرية غير جاهزة.